فاز حزب "البديل من أجل ألمانيا" (أقصى اليمين) بفارق كبير في الانتخابات الإقليمية في مقاطعة تورينغن، وحل ثانياً خلف المحافظين في مقاطعة ساكسونيا في شرق ألمانيا يومه الأحد 01 سبتمبر، محققاً نتائج "تاريخية" تمثل نكسة لحكومة المستشار أولاف شولتس، حسب ما أفادت به "العربية". وأعلن حزب "البديل من أجل ألمانيا"، المنتقد لسياسة استقبال اللاجئين والذي تثير صلاته بالكرملين شكوكاً، الفوز في تورينغن حيث تقدّم على خصومه بنسبة كبيرة من الأصوات. وقال زعيم الحزب في ألمانيا تينو شروبالا إن "البديل من أجل ألمانيا" حصل على "تفويض واضح للحكم"، مؤكداً أنه مستعد "للتحدث مع كل الأحزاب" لتشكيل غالبية مطلقة. ونُظمت الانتخابات في المقاطعتين في سياق أجواء متوترة بعد نحو أسبوع من مقتل ثلاثة أشخاص في عملية طعن في مدينة زولينغن في غرب البلاد أقرّ مشتبه به سوري بتنفيذها وتبنّاها تنظيم داعش، أثارت الجدل مجدداً بشأن الهجرة في ألمانيا. وتصدر حزب البديل من أجل ألمانيا النتائج في تورينغن، إحدى أصغر المقاطعات في البلاد، حاصدا 33.1% من الأصوات. وتقدّم على حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي نال 24.3% من الأصوات، وفق التقديرات. ويترأس بيورن هوكه حزب البديل من أجل ألمانيا في تورينغن وهو من أكثر الشخصيات "تطرفاً" في الحزب. وفي ساكسونيا، تقدّم حزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي"، وهو حزب المستشارة السابقة أنغيلا ميركل، بفارق بسيط إذ نال 31.7% من الأصوات، وحل حزب "البديل من أجل ألمانيا" ثانياً (31.4%) بنتيجة متقاربة. ويشكل فوز حزب "البديل من أجل ألمانيا" في تورينغن سابقة في البلاد منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حتى لو كان من غير المرجح أن يتولى السلطة الإقليمية مع رفض كل الأحزاب الأخرى عقد أي تحالف معه. وقال الأمين العام لحزب "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" كارستن لينيمان إن "الناخبين يعرفون أننا لن نشكل ائتلافاً مع حزب البديل من أجل ألمانيا"، داعياً إلى تشكيل حكومة. وحقّق حزب "بي إس في" (أقصى اليسار) الجديد اختراقاً كبيراً، إذ حصل على أكثر من 10% من الأصوات في المقاطعتين، ويمكن أن يصبح "صانع ملوك" محتمل في تشكيل الحكومتين الإقليميتين في تورينغن وساكسونيا في المستقبل. وقد أسست السياسية اليسارية زهرا فاغنكنخت هذا الحزب في يناير بعد استقالتها من حزب دي لينكه. وهي تدعو إلى إحلال السلام مع روسيا والتشدد حيال الهجرة. ولقي كل من حزب "البديل من أجل ألمانيا" وحزب "بي إس في" قبولاً شعبياً في المقاطعتين الواقعتين في شرق البلاد بخطاباتهما العنيفة ضد الهجرة ومن خلال الدعوة إلى وضع حد لشحنات الأسلحة التي ترسلها برلين إلى كييف، وهو موقف يحظى بشعبية كبيرة في هذه المناطق من جمهورية ألمانيا الديمقراطية الشيوعية السابقة حيث ما زال الخوف من الحرب يسكن النفوس. وأظهرت النتائج أيضاً تعرض الائتلاف الحكومي أي الحزب "الاشتراكي الديمقراطي" بزعامة المستشار أولاف شولتس، وحزب "الخضر" والحزب "الديمقراطي الحر" (ليبيراليون) لنكسة كبيرة قبل عام من الانتخابات التشريعية التي ستُجرى في 2025. وسجل حزب شولتس نسبة تراوح بين 6.6 و7.8% من الأصوات. وسيخرج "الخُضر" من برلمان تورينغن، ولن يكون لليبراليين من الحزب "الديمقراطي الحر" ممثلون في أي من المجالس الإقليمية بعد هذه الانتخابات. وقد تحكم تحالفات كبيرة غير متجانسة من اليمين واليسار المقاطعتين اللتين تحظيان بامتيازات مهمة في النظام الألماني في مجالي التعليم والأمن. سعى زعماء حزب "البديل من أجل ألمانيا" إلى استغلال الصدمة التي أحدثها الهجوم في مدينة زولينغن في غرب البلاد، متهمين الحكومات الاتحادية المتعاقبة بنشر "الفوضى". وتمكن المعتدي المشتبه بصلاته بتنظيم داعش من الإفلات من قرار إبعاد صدر بحقه، إذ توارى عندما أرادت السلطات الألمانية ترحيله. وأعلنت حكومة شولتس تحت الضغط تعزيز مراقبة الهجرة وتقييد استخدام السلاح الأبيض. تأسس حزب البديل من أجل ألمانيا في 2013 كمجموعة مناهضة لليورو قبل أن يتحول إلى حزب معاد للهجرة بعد أزمة الهجرة في 2015 وجائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية التي أضعفت الاقتصاد الأول في أوروبا ورفعت الأسعار. وحقق الحزب نتيجة قياسية في الانتخابات الأوروبية في يونيو، بحصوله على 15.9% من الأصوات. وهي أفضل نتيجة حققها على الإطلاق، ونتيجة جيدة بشكل خاص في شرق ألمانيا حيث خرج كأكبر قوة. وتزداد شعبية الحزب في مناطق جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة بسبب استمرار حال من عدم المساواة منذ إعادة توحيد البلاد في العام 1990، وأزمة ديموغرافية عميقة مرتبطة برحيل الشباب إلى مناطق أخرى على الرغم من الانتعاش الاقتصادي في شرق ألمانيا.