استدعاء الإدارة العامة للأمن الوطني ووزارة الداخلية والحكومة المغربية إلى الجلسة يؤجل البت في قضية وفاة ياسين الشبلي أرجأت الغرفة الجنحية التلبسية الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بمدينة مراكش، يوم الأربعاء 26 يونيو الجاري، البت في محاكمة ضابط الشرطة (ع. أ) المتابع في قضية وفاة الشاب ياسين الشبلي خلال خضوعه لتدابير الحراسة النظرية داخل مقر الأمن بابن جرير، إلى غاية 17 يوليو المقبل، من أجل استدعاء الحكومة المغربية ووزارة الداخلية، والإدارة العامة للأمن الوطني.
وكانت الغرفة الجنحية التلبسية لدى المحكمة الابتدائية بمراكش قد قضت، مساء يوم الإثنين 6 ماي المنصرم، بإدانة ضابط الشرطة المذكور، بخمس سنوات سجنا نافذا، وغرامة نافذة قدرها ألف درهم، وفي الدعوى المدنية التابعة، أُمر المتهم بأداء 20 مليون سنتيم تعويضا لكل واحد من المطالبين الستة بالحق المدني من ذوي حقوق الضحية، ودرهما رمزيا للجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي نصبت نفسها طرفا مدنيا. كما قضت الغرفة ذاتها في وقت متأخر من ليلة الإثنين 27 فبراير الماضي، بعدم الاختصاص في ملف ضابط الشرطة (ع. أ) المتابع في قضية وفاة ياسين الشبلي مستهل شهر أكتوبر 2022، وإحالة الملف على غرفة الجنايات لدى محكمة الاستئناف بمراكش، حيث قضت هذه الأخيرة يوم الثلاثاء 4 أبريل الماضي، برد الدفع المثار، وإلغاء الحكم الابتدائي القاضي بعدم الاختصاص في ملف المتهم وإرجاع ملفه إلى المحكمة الابتدائية للبت فيه من جديد، مع استمرار حالة الاعتقال في حق المتهم.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش قد قرر إحالة المتهم (ع. أ) على قاضي التحقيق بمراكش لكونه يتسم بصفة ضابط شرطة قضائية في إطار قواعد الاختصاص الاستثنائية للاشتباه في ارتكابه العنف أثناء قيامه بوظيفته ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، مع التماس إيداعه بالسجن المحلي لوداية. وبعد انتهاء التحقيق التفصيلي معه بشأن المنسوب إليه، تم إحالته على أول جلسة يوم 9 يناير 2023 لبدء محاكمته بالغرفة الجنحية بابتدائية مراكش.
وسبق للغرفة الجنحية التلبسية لدى المحكمة الابتدائية بابن جرير أن قضت يوم الخميس 12 يناير الماضي بعدم الاختصاص في قضية 3 رجال أمن (ع. أ) و(م. أ) و(م. أ) المتابعين على خلفية وفاة الشاب ياسين الشبلي تحت الحراسة النظرية، وإحالة الملف على غرفة الجنايات باستئنافية مراكش، مع استمرار حالة الاعتقال في حق المتهم الأول والثاني. وهو الملف الذي تم استئنافه وتم الحسم فيه من طرف الغرفة الجنحية التلبسية الاستئنافية لدى محكمة الاستئناف بمراكش، وذلك بإعادة إحالة الملف إلى ابتدائية ابن جرير للبت فيه من جديد.
ويتابع في هذا الملف رجلا أمن في حالة اعتقال من أجل "استعمال العنف من طرف موظف عمومي أثناء قيامه بوظيفته ضد أحد الأشخاص، والقتل الخطأ بسبب الإهمال وعدم التبصر"، فيما يتابع الثالث في حالة سراح من أجل الاشتباه في ارتكابه جنحة "القتل الخطأ بسبب الإهمال وعدم التبصر".
وكانت أسرة المرحوم ياسين الشبلي قد أصدرت بيانا يوم الخميس 20 أكتوبر الماضي، طالبت من خلاله الجهات المسؤولة بتحقيق العدالة وأن تأخذ هذه الأخيرة مجراها في قضية وفاته "متأثرا بما عاناه من آثار الضرب والتعذيب الذي لاقاه من أفراد رجال الأمن داخل مخفر شرطة المنطقة الإقليمية للأمن الوطني بابن جرير أثناء تواجده رهن الحراسة النظرية".
وتساءلت الأسرة في ذات البيان عن "الدوافع التي سوغت لمرتكبي هذا الجرم الشنيع، غير عابئين ولا مكترثين بما اتخذته الدولة وحصنت به نفسها من إجراءات تشريعية وإدارية وقضائية لمنع كل أعمال التعذيب"، مذكّرة بالفصل 22 من دستور المملكة لسنة 2011 واتفاقية مناهضة التعذيب.
وأكدت الأسرة في بيانها أن "كل ذي عقل لبيب، وكل من شاهد آثار الضرب والتعذيب المفرط في السادية والوحشية التي لاقاها من أفراد الشرطة بالمنطقة الأمنية بابن جرير، نتجت عنها وفاته ومن ثم حرمانه من الحق في الحياة، متأثرا بكل أصناف الضرب والتعذيب الذي تعرض له في كامل أعضاء جسده، كما تبين مجموعة من الأشرطة المرئية التي تم نشر بعضها".
وارتكزت الأسرة في بيانها على عدد من المقتضيات القانونية التي تجرم التعذيب الواردة في كل من اتفاقية مناهضة التعذيب والدستور المغربي وقانون المسطرة الجنائية، لتختم بيانها بالتأكيد على احتفاظها بحقها في المتابعة والدفاع بكل ما تملك من عزيمة وإرادة، "مؤكدة تسلحها وثقتها في مؤسسات الدولة الرسمية وفي كل الهيئات والفعاليات الحقوقية وهيئة الدفاع دون تراجع ولا استسلام".
وكانت مدينة ابن جرير بإقليم الرحامنة قد عاشت حالة من الاحتقان بعد وفاة الشاب ياسين الشبلي، وتواصلت الاحتجاجات لعدة أيام أمام المديرية الإقليمية للأمن، للمطالبة بفتح تحقيق في ظروف وملابسات الحادث الذي وُصف بالشنيع.
يشار إلى أن أسرة الضحية ياسين الشبلي كانت مؤازرة خلال جلسات محاكمة الأمنيين الثلاثة بابن جرير من طرف مجموعة من المحامين من هيئات مختلفة، ينتمون للجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي تتنصب بدورها أيضا كطرف مدني في القضية.