وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا في دمشق للقاء القيادة الجديدة    مدرب الرجاء: مواجهة ماميلودي صن داونز حاسمة في مشوار التأهل    "اعتراف صادم" يكشف كيف خطط بعيوي للسطو على أملاك زوجته السابقة    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    هذه هي الوضعية الصحية العامة داخل سجن طنجة    مكتب الصرف يصدر دورية تنص على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    تتجاوز مليون ساعة تحليق .. المغرب يتسلم طائرات مسيّرة "بيرقدار TB2"    مروحية البحرية المغربية تنقذ مريضا على متن سفينة أجنبية    توقيف شخص بأكادير يشتبه تورطه في تزوير وثائق رسمية وعرضها للبيع بمقابل مادي    "آبل" تدفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية حول التنصت على محادثات خاصة للمستخدمين    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    إحداث أزيد من 78 ألف مقاولة جديدة خلال الأشهر العشرة الأولى من سنة 2024    تتقدمهم كربوبي.. خمسة حكام مغاربة لإدارة مباريات "الشان"    توقيف "طبيب نفساني" متورط في عمليات اغتصاب بمركز للمعوقين في بلجيكا    أيت منا يجدد الثقة في موكوينا ويمنحه 3 مباريات للاستمرار في تدريب الوداد البيضاوي    الوداد لمداواة الجراح أمام "الماط" وقمة ملتهبة بين تواركة و"الماص"    الوزير مزور ينفي وجود خلاف أو توتر بينه وبين نواب حزب الاستقلال    وزير العدل يقاضي صحافي    "الوسيط" يتلقى أزيد من 7 آلاف شكاية وتظلم .. والفئات الهشة تتصدر    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب باماكو تأهبا لمواجهة الملعب المالي    الذهب يرتفع بدعم من الطلب على الملاذ الآمن    النقابة الوطنية لصناعة البترول والغاز…نداء عاجل لإنقاذ شركة سامير    2025: عام الاعتراف الدولي النهائي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية    وثيقة فرنسية مسربة تكشف المستور بخصوص تندوف والمناطق المجاورة    سليمان الريسوني.. رعديد في الفايسبوك    الHCP: واردات المغرب تنخفض ب1.6% والصادرات تسجل ارتفاعاً ب0.5%    بورصة البيضاء تفتتح التداولات بارتفاع    الودائع البنكية تتجاوز 1.225 مليار..    نهضة بركان يجدد عقدي لبحري وخيري لموسمين    الصين: مطارا شانغهاي يسجلان أكثر من 124 مليون رحلة ركاب في 2024    إطلاق مسابقة لتصميم محطات القطار الفائق السرعة والقطار الإقليمي    كيوسك الجمعة | الحكومة تكشف أسرار المفتشية العامة للمالية بعد 65 سنة من تأسيسها    باب برد وإساكن.. المرتفعات الجبلية لجوهرة الريف تتزين برداء أبيض ناصع    تعليق محاولة توقيف رئيس كوريا الجنوبية    غابة الأمازون البرازيلية سجلت في 2024 أكبر عدد من الحرائق منذ 17 عاما    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    أعلى حصيلة منذ حرب 1973.. جيش الاحتلال ينشر عدد قتلاه خلال عدوان غزة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    سقوط طائرة ركاب في كازاخستان    مجازر إسرائيل مستمرة في غزة... 25 شهيدا بينهم قائد الشرطة في القطاع    رأس السنة الأمازيغية الجديدة.. "ليلة إيقاعات الأطلس المتوسط" يوم 15 يناير الجاري بالرباط    الجيش الملكي يضع اللمسات الأخيرة قبل مواجهة مانيما    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام    الفيفا تعتبر إبراهيم دياز نقطة تحول في مسار المنتخب الوطني سنة 4202    هولندا.. العثور على جثة مهاجر ينحدر من الريف بعد 11 يوما من اختفائه    قطب الريسوني ورشيدة الشانك ومحمد العناز يفتتحون سنة 2025 في دار الشعر بتطوان    إختتام الدورة السادسة للمهرجان الدولي للسينما و التراث    كلشي بالمكتاب .. الدوزي يختتم 2024 بإصدار جديد    الطهي يتجاوز الفواكه والخضروات باستخدام أجزاء الأشجار    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المُبِين في الهولوكوست أو محرقة فلسطين
نشر في العلم يوم 01 - 11 - 2023

منذ أن انطلقت حرب الإبادة الأخيرة في غزة وأنا أحاول الكتابة والتعبير عن غضبي، وكل مرة، ومع تتابع أخبار الذبح ومشاهد القتل أشطب على ما كتبت لأن الكلمات لم تعد كافية لوصف ذلك.
مشاهد الدمار والرعب والقتل والأشلاء والدفن الجماعي تحاصرني وتلاحقني، قنوات الإعلام الغربي تنقل المشاهد بانتقائية وتضعها في ميزان دفاع إسرائيل عن النفس، بعضهم يندد بقتل الفلسطينيين و"الإسرائيليين الأبرياء" على السواء، وبعض الأصوات الغربية تُدين قتل الأبرياء في غزة وتبررها في نفس الآن بمزاعم ملاحقة "الإرهابيين الذين نفذوا هجوم 7 أكتوبر وقتلوا المدنيين بوحشية واختطفوا ما يزيد عن 200 منهم كرهائن".
الدول الغربية وليس الشعوب ولا العالم كما تدَّعي وسائله الإعلامية يبكي على 1300 قتيل أغلبهم اسرائيليون في هجوم 7 أكتوبر، نفس الغرب يكتفي بالحزن والأسف لقتل ما يزيد عن 7000 فلسطيني أعزل وتحت الحصار، نصفهم من الأطفال وكثيرون قضوا تحت ركام المستشفيات..
الغرب قبل إسرائيل يريد إيهامنا ورأيه العام أن القصة بدأت يوم 7 أكتوبر 2023، مع "اعتداء غاشم لإرهابيي" حماس على "الأبرياء من الإسرائيليين الآمنين في منازلهم ومزارعهم" على أرض فلسطين.
الغرب وصنيعته إسرائيل كذبوا عقودا من الزمن على شعوبهم، والآن يصدقون كذبتهم ويؤسسون بها المبررات لإبادة الفلسطينيين، وبوقاحة يردد وزير الدفاع الإسرائيلي "سنحرق غزة بمن فيها من الإرهابيين" ذلك بعد أن شبههم بالحيوانات. هي المحرقة إذاً، مِحرقة الفلسطينيين على يد أحفاد ضحايا محرقة اليهود المعروفة بالهولوكست، هو الفوهرر نتنياهو إذاً يكتب فصلا من كتاب سيرة كفاحه، ويتفنن في تعذيب وإبادة وحرق شعب بكامله على مرأى ومسمع من العالم.
تذكرت وأنا أتمرغ في بحيرة من الرعب والغضب لما يجري في فلسطين حواري ذات يوم من أواخر تسعينيات القرن الماضي مع صديق مكسيكي تعود أصوله إلى هنود المايا عن فيلم أمريكي من أفلام الوسترن، موضوع الفيلم مقاومة الهنود "المتوحشين" للمُعمرين البيض المسالمين، وكان رأيه حينها أن المشكلة ليست فقط في تصوير أصحاب الأرض من الهنود كوحوش تحارب "الانسان الأبيض المسالم والحامل للحضارة"، المشكلة حسب صديقي أن الفيلم يبدأ من حيث تكاد تنتهي الحكاية، وليس من بدايتها، يبدأ الفيلم بمشهد قتل الهنود لمُعَمِّرين بيض أثناء استلائهم على أراضي الهنود، وبتر جلدة مؤخرة رؤوسهم في مشهد وحشي مُرعب. لكن الغائلة حسب صديقي المكسيكي لم تبدأ مع هذا المشهد، بل بدأت قبل ذلك بعقود حين كان الإنسان الأبيض ينظم حملات قنص الهنود كالحيوانات وترويعهم ليغادروا الأراضي الخصبة من وطنهم، وبعد ذلك إبادتهم بالكامل وتجميع ما تبقى منهم في محمية مطوقين بالسياج والأسلاك الشوكية..
ما يجري اليوم في فلسطين وفي غزة بالخصوص، لا يختلف عن ما اقترفه الغرب في حق أصحاب الأرض من الهنود الحمر من تصفية عرقية وإبادة جماعية بأبشع الوسائل بما فيها قنصهم كالحيوانات.
أليس هو نفس السيناريو الذي يحاول الغرب نقله اليوم عن إبادة الشعب الفلسطيني الساغب واللاغب في غزة، ألا يحاولون اليوم إقناع العالم أن القصة بدأت مع هجوم الفلسطينيين يوم 7 أكتوبر تماما كما يبدأ الفيلم الأمريكي بهجوم الهنود على قافلة المعمرين ليوهمنا أن قتل الهنود كان دفاعا عن النفس، إنه لعمري نفس الافتراء والتزييف للتاريخ والحقيقة.
القصة التي يريدون بها تبرير إبادة الشعب الفلسطيني لم تبدأ يوم 7 أكتوبر، القصة بدأت منذ عقود باحتلال فلسطين وطرد الفلسطينيين، بدأت مع النكبة سنة 1948 والنكسة سنة 1967، ومذبحة تل الزعتر والاغتيال البشع للطفل ذرة ووالده، وشيرين أبو عاقلة وغيرها من الجرائم والمجازر وحملات القنص والقتل الممنهج للشعب الفلسطيني، إلى أن انتهت اليوم بغزة محمية محاصرة كسجن كبير في الهواء الطلق..
ربما في هذا القياس يكمن الجواب على سؤال الدعم الأمريكي الأعمى لإسرائيل مهما ارتكبت من جرائم ضد المدنيين في فلسطين، هي نفس التبريرات لنفس الجرائم بأسلحة مختلفة وفي أزمان مختلفة وفي حق شعوب مختلفة لم يكن قوامها الأرض مقابل السلام، بل الإبادة مقابل الأرض، ولا غرو مع هذا القياس أن يكون الدعم الأمريكي مطلق ولا مشروط.
في المقابل والتزاما بفرضية القياس مع الفارق، الوضع في الشرق الأوسط وفي فلسطين بالخصوص يحتمل اليوم مجموعة من المُتغيرات قد تحسم بشكل مختلف ودراماتيكي هذا الصراع، والمنطقة تخضع اليوم بعد مجزرة غزة لحسابات مختلفة وتوازنات إقليمية ودولية مختلفة ومُنذرة بالمفاجآت.
كانت هذه محاولة للتعبير عن غضبي الجارف مما تقترفه إسرائيل من إبادة للشعب الفلسطيني، كما هي محاولة للتفكير بصوت عالٍ فيما تنوسُ به هذه المحطة من بشاعة جرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني، وما تحتمل من مستجدات تدعو للتفكير، أدلي منها الآن بعنصرين:
نجاح العملية الفلسطينية ليوم 7 أكتوبر في إعادة القضية الفلسطينية للواجهة كأولوية في اهتمام الرأي العام العالمي.
تأكيد بروز بوادر تشكل نظام عالمي جديد وتوازنات إقليمية وجيو-استراتيجية جديدة، أهمها بروز الدور الإيراني كلاعب إقليمي رئيسي ومحوري في التفاوض بين إسرائيل وحماس والولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك الدور القطري المتنامي في علاقته المتوازنة مع إيران وتركيا ودول الجوار، إضافة إلى الدور الصيني لأول مرة بدبلوماسية ناعمة تبحث عن موقع في المشهد الدولي بداية بالشرق الأوسط بعد أوكرانيا.
العالم لا يمكنه بعد الآن التغاضي عن الهولوكوست الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني، وليس حلما أن نتابع ذات يوم محاكمة نتنياهو وشركائه وإدانتهم بارتكاب أفظع الجرائم ضد الإنسانية، ليس حلما... أو الطوفان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.