تعيد إلى الأذهان ذاكرة مخازن الوقود المهرب وخطط الجزائر لخنق جهة الشرق اقتصاديا، السلطات الأمنية تداهم مخازن ومستودعات لتدوير والمضاربة في المحروقات والزيوت المغشوشة بوجدةبركانوالناظور في عملية مشتركة بين الشرطة القضائية بكل من الناظورووجدةوبركان ومصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني جرى صباح أول أمس الثلاثاء بكل من الناظوروبركانووجدة توقيف 18 شخصا يشتبه في تورطهم في اقتراف جرائم اقتصادية من بينها المضاربة والغش في المحروقات والزيوت المخصصة للمركبات.
بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أفاد أن هذه العمليات الأمنية التي جرى تنفيذها بشكل متزامن في عدة مستودعات بكل من مدينة وجدة وبمنطقتي سلوان وزايو بإقليم الناظور، وبمنطقة أكليم بضواحي بركان، والمريس بالقرب من أحفير، أسفرت عن توقيف 18 شخصا، من بينهم مسيرون لمستودعات صناعية ولمحطات لتوريد المحروقات ومستخدمون، وذلك للاشتباه في تورطهم في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية والمشاركة، فضلا عن حجز عشرات الأطنان من المحروقات والزيوت المشكوك في جودتها.
ذات المصدر أوضح أن الأبحاث والتحريات المنجزة في هذه القضية، تشير إلى غاية هذه المرحلة من البحث، إلى أن المشتبه فيهم كانوا يعمدون إلى إعادة تدوير وخلط الزيوت القديمة المستعملة في محركات المركبات ومزجها بمواد كيميائية وعرضها للبيع، في خرق لدفتر التحملات الخاصة بالوحدة الصناعية التي يستغلونها، فضلا عن مزج المحروقات مع المواد المستخلصة من هذه الزيوت بشكل تدليسي وبيعها بثمن تفضيلي بدعوى أنها محروقات مدعمة.
عمليات التفتيش المنجزة في الأماكن المستهدفة بهذه العمليات أسفرت تفيد المديرية العامة عن حجز عشرات الأطنان من المحروقات المشكوك في جودتها، والتي يجري إخضاعها للخبرات التقنية اللازمة بتنسيق مع المصالح المختصة، للتحقق من مدى إضرارها بالمركبات، كما تم حجز العشرات من الشاحنات والرافعات والمقطورات الصهريجية، وحاويات معدنية وأخرى بلاستيكية كبيرة لتخزين المحروقات، علاوة على كميات كبيرة من الزيوت المستعملة، و 20 سيارة من بينها عربات نفعية وأخرى رباعية الدفع، بالإضافة إلى 11 صفيحة من مخدر الشيرا.
الأشخاص الموقوفون بتزامن مع عمليات التدخل الأمني تم إخضاعهم لإجراءات البحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، والتحقق من كافة الأفعال الإجرامية المنسوبة للأشخاص الموقوفين، وكذا رصد جميع الامتدادات والارتباطات المحتملة وطنيا لهذه القضية.
وتعيد ملابسات القضية التي تستأثر باهتمام الرأي العام المحلي والوطني إلى الأذهان فترة التسعينيات من القرن الماضي حين كان الوقود الجزائري المهرب يعبر الحدود البرية بين البلدين ليستقر في مخازن تعيد توزيعه عبر نقاط بيع سوداء بالتقسيط متفرقة بمدن الجهة و خارجها.
على أن تدهور العلاقات الثنائية بين الجزائر و المغرب دفع السلطات الجزائرية خلال سنة 2012 الى إحكام إغلاق المنافذ الحدودية البرية التي ظلت لعقدين تعرف تدفق شحنات الوقود المهرب نحو المغرب وعمدت الى حفر خندق عميق على طول مسار الشريط الحدودي في خطوة أمنية تهدف حسب منظور الساسة الجزائريين الى خنق المنطقة الشرقية من المغرب اقتصاديا و إثارة الاحتجاجات الاجتماعية بداخله نتيجة ما توهم السيناريو الجزائري المحبوك بخبث من أن الشرق المغربي مرتبط تجاريا واقتصاديا بما يوفره الشريط الحدودي من رواج.
على أن اطلاق المملكة سنة 2013 لبرنامج طموح وغير مسبوق لتأهيل المنطقة الشرقية وإدماجها في النسيج الاقتصادي الوطني أفشل الخطط والمناورات الجزائرية وخلق زخما وطنيا ونقاشا محليا متواصلا لبحث إشكاليات و آفاق التنمية المتعددة المحاور بالجهة التي تخلصت تدريجيا من عقدة الارتهان الى القطاعات الخدماتية غير المهيكلة أو المرتبطة بالمنافذ الحدودية.