هل الظاهرة اضطراب في العلاقات الأسرية أم اندثار للقيم الاجتماعية؟ أصبحت التفاهة منتجاً مرغوباً وثقافةً مبررةً ووضعاً راهناً في هذا العصر، وكأننا نعيش توجهاً يكاد يكون عالمياً نحو ما هو تافه، كل شيء تقريباً يتم تتفيهه، العلم والسياسة والإعلام والثقافة والتاريخ والإدارة، وغيرها من الرموز المهمة لبناء المجتمع والحضارة وإقامة أي شكل من أشكال الوعي الفردي أو الجماعي. والتفاهة في اللغة العربية، حسب معجم المعاني تعني نقصا في الأصالة أو الإبداع أو القيمة، كما تعني انعدام الأهمية والحقارة والدناءة. ولا شك أن وسائل الإعلام الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي وفّرت لهؤلاء التافهين فرصة للظهور والانتشار والخروج من جحورهم، بعدما تطبّع الناس تدريجيا مع هذا العبث الإلكتروني، من خلال الدفع بهؤلاء النكرات والمجاهيل الذين لم يكونوا شيئا مذكوراً، دفعت بهم إلى مدارج الشهرة ومصاعد النجومية، نتيجة قيامهم بأعمال عبثية وأشياء تافهة. هذا الواقع الحاصل يدفعنا أحياناً كثيرة، وبما أننا صرنا نعيش عالم وعصر التفاهة، إلى الإعتقاد بأن المال هو المعيار الأول، إن لم يكن الأوحد، فيما نسميه بالنجاح. أي إذا أردت أن تكون ناجحاً في ظل هذه الظروف المستجدة، فلا سبيل إلا عبر المال أي كلما استطعت جمع المال أكثر كلما ارتقت درجتك في المجتمع الذي تعيش فيه. ولقد وجدت التفاهة فرصتها العظيمة عبر شبكات التواصل الإجتماعي كالأخطبوط تنتشر في كل مكان للتشويّش على التميز والإبداع، وتحويل كل ماهو راقي إلى لذّات وشهوات تافهة تنخر في جسم المجتمع.