في العرض السياسي المتميز والمعمق الذي ألقاه الأخ الدكتور نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال أمام اللجنة المركزية لحزبنا يوم السبت الماضي ، تناول قضية من صميم القضايا الفكرية والاجتماعية والاقتصادية ذات التوجه السياسي الذي يصب في إنضاج الفكر السياسي ذي الحمولة الاجتماعية والبعد الاقتصادي المرتبط بتطور المجتمع المغربي و العمل من أجل تقدمه والنهوض به ، و التلاؤم والتوافق بين مقومات الدولة الاجتماعية التي تنكب الحكومة على إرساء قواعدها ، وبين مضامين المرجعية التعادلية الاستقلالية التي أطلقها زعيم التحرير علال الفاسي في يوم 11 يناير سنة 1963 بمناسبة الاحتفال بمرور تسعة عشر عاما على تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال . فهذا التناغم والتناسق بين مقومات المشروع الحضاري الكبير المنبثق عن الرؤية الملكية السديدة ، والذي يتمثل اليوم في الورش الملكي لتعميم الحماية الاجتماعية ، وبين مضامين المرجعية التعادلية الاجتماعية والاقتصادية ، هو الذي جعل الأخ الأمين العام يعبر في عرضه السياسي عن اعتزاز حزب الاستقلال بكون الحمولة الاجتماعية والمضمون الإصلاحي اللذين حفلت بهما المرجعية التعادلية ، ينعكسان ويتردد صداهما ضمن أسس الدولة الاجتماعية و مرتكزاتها التي تباشر الحكومة ترسيخ قواعدها وتفعيل مضامينها تنفيذا للتوجهات الملكية الحكيمة والسديدة والرائدة. وتشكل مضامين التعادلية الاستقلالية مشروعا مجتمعيا متقدما ومتطورا ، يقوم على قواعد ثلاث اختزلها الأخ نزار بركة في الارتباط بقضايا الوطن وتطلعات المواطنين ومطالبهم ، والتركيز على إحداث التوازن الاجتماعي والاقتصادي والتوزيع العادل للثروة وضمان تكافؤ الفرص للجميع ، وتشجيع المبادرات الفردية المتوافقة مع احتياجات المجتمع و متطلباته وتقوية الاقتصاد التضامني وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بين الطبقات لتحقيق مجتمع متوازن ومتضامن . وتلك هي العناصر الرئيسة والمقومات الأساس والقواعد الراسخة للتقدم المتكامل والمتوازن الذي نسعى إلى تحقيقه للمغرب ، في إطار الرؤية الملكية الواضحة التي تبلورت اليوم في العمل الحكومي الرامي إلى التوسع في خدمة المواطنين والمواطنات . من هذا المنظور تبرز ريادة المرجعية التعادلية التي قدم الزعيم علال الفاسي وثيقتها إلى جلالة الملك الحسن الثاني قبل تسعة وخمسين عاما ، في مبادرة تسجل في صحيفة المبادرات والمقترحات والمواقف التاريخية لحزب الاستقلال ، وهي اليوم تشكل مرجعية جديرة بأن تكون من المحفزات القوية ومن المصادر الغنية لإغناء الفكر السياسي الوطني للدفع بالجهود التي تنهض بها الحكومة إلى الأمام على طريق التقدم والنهضة الحضارية وتجديد انطلاقات المغرب نحو بلوغ الأهداف الكبرى التي يجتمع حولها المغاربة كافة. إن اعتزاز حزب الاستقلال بهذا التلاؤم والترابط والانسجام مع مشروع إرساء القواعد للدولة الاجتماعية ، وبين المرجعية التعادلية التي هي الركيزة المذهبية لحزبنا والقاعدة الإيديولوجية التي ننطلق منها في خدمة الوطن والاستجابة انتظارات المواطنين والمواطنات، لا يعني أننا نعيش مع الماضي منفصلين عن الواقع المغربي ، وإنما هو تأكيد على أن حزبنا رائد في ابتكار الحلول وإبداع الأفكار وصياغة النظريات وتقديم البدائل والمقترحات ، لتحقيق المستويات اللائقة بالمغرب من الرقي والتنمية المستدامة الشاملة . وإلى هذه المعاني العميقة أشار الأخ الأمين العام لحزب الاستقلال في الكلمة القوية والمؤثرة التي افتتح بها الدورة العادية للجنة المركزية لحزب الاستقلال ، معبرا أقوى ما يكون التعبير عن ضمير الحزب ، ومترجما الإرادة الجماعية لمناضلي الحزب ومناضلاته.