اضطر المغرب إلى إغلاق مجاله الجوي بضغط من الانتشار المتسارع لمتحور "أوميكرون". ولهذا المتحور الذي ضرب بقوة مجموعة من دول المعمور، خصوصيات لا زال الخبراء يعملون على التحقق منها. بعدَ انتشاره المتسارع في دول عديدة عبر العالم، أجبر متحور "أوميكرون" المغرب على إغلاق مجاله الجوي بالكامل لأسبوعين ابتداء من يوم أمس الاثنين 29 نونبر 2021. الخطوة التي جاءت بتوصية من اللجنة العلمية والتقنية لتدبير جائحة كوفيد-19، رافقتها دعواتُ مختصين إلى تسريع وتيرة الحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا التي تعرف تباطؤا منذ أسابيع. وقد عرف فيروس كورونا المستجد منذ ظهور نسخته الأولى في يوهان سنة 2019، أزيد من 6 آلاف و500 متحور، بيدَ أن أخطرها وفق منظمة الصحة العالمية، هي "ألفا" و"بيتا" و"كاما" و"دلتا" و"أوميكرون" حاليا هو خليط بين "دلتا" وبيتا" وفيه أزيد من 52 طفرة، 30 منها تهم بروتين الشوكة و10 همت البروتين الذي يمكنه من التسرب إلى الخلايا البشرية، مما يطرح السؤال حول فعالية اللقاحات والذاكرة المناعية المتكونة بعد الإصابة بمرض كوفيد-19... ويشدد الخبراء، على أن خطوة الإغلاق وإنْ كانت لا تضمن عدم تسلل المتحور الجديد إلى المغرب، فإنها تعطي فسحة زمنية لتدبير مخاطره المحتملة، وذلك بالتوفر على المعطيات اللازمة، وتلقيح غير الملقحين واستكمال الحقنة الثالثة، وكذا الرجوع إلى الالتزام بالإجراءات الوقائية من الفيروس التاجي التي شهدت بدوره تراخيا ملحوظا عقب فرض جواز التلقيح، والتساهل في مراقبته هو أيضا أخيرا. وخلقَ قرار إغلاق المجال الجوي للمملكة، مخاوفَ لدى المغاربة المقيمين بالخارج الذين أصبح جزء منهم "عالقا" في التراب الوطني دون سابق إنذار، بعدما سجل المتحور الجديد حضوره على مستوى أفريقيا وأستراليا وأوروبا، التي تضاعف دولها الجهود لمجابهة الموجة الجديدة التي أرهقت المنظومة الصحية، وحطمت أرقاما قياسية في الإصابات والوفيات على مستوى القارة العجوز، ملقيا بظلاله على البورصات العالمية من نيويورك إلى لندن. في هذا السياق، قال الطيب حمضي، الطبيب الباحث في السياسات والنظم الصحية، إن قرار منع الولوج إلى التراب الوطني لمدة أسبوعين، جاء في إطار الحرص على حماية المكتسبات التي حققها المغرب في محاربته لكوفيد-19، لا سيما في ظل غياب الكثير من المعطيات حول هذا المتحور بشأن شراسته ومقاومته للقاحات المستعملة، وهو ما ستجيب عنه المختبرات خلال أسبوعين. وأشار الباحث، إلى أن آخر المعطيات المتعلقة بالمتحور الجديد "أوميكرون" تكشف انتشاره المتزايد في دول عديدة عبر العالم، موضحا في تصريح ل"العلم"، أن سرعة هذا الانتشار رغم تأكيدها من المتتبعين يصعب الجزم بأنها هي سبب هذا انتشار المرض المتزايد. ومن الملاحظات المهمة حول شراسة هذا المتحور وفق الباحث ذاته، أنه يصيب الشباب نظرا لطبيعة أنشطتهم وحركيتهم وعدم احترامهم للإجراءات الوقائية بشكل كبير، مستدركا بأن هذا ليس دليلا كافيا على أن هذا الفيروس هو أكثر انتشارا، كما أن أغلبية المصابين وفق الملاحظات الأولية هم من غير الملقحين (الثلثان غير ملقحين بالمرة والثلث أخذ حقنة واحدة على الأقل). وطالب حمضي الموطنين بالرجوع إلى الالتزام بالإجراءات الاحترازية من كمامة وتباعد اجتماعي، والتلقيح بشكل سريع بالحقنات الأولى والثانية والثالثة لحماية أنفسهم ووطنهم من خطورة الوضع التي نبهت إليها منظمة الصحة العالمية. من جهته، دعا البروفيسور عز الدين إبراهيمي، عضو اللجنة العلمية والتقنية لتدبير كوفيد-19، من يجزمون بحقائق مطلقة حول سلالة المتحور الجديد "أوميكرون"، إلى "التواضع العلمي" لأن العالم كله الآن يجهل الكثير عنه. وكتب إبراهيمي في تدوينة فيسبوكية يوم الأحد: "الفيروس بتحوره يعلمنا أن العلم والبحث العلمي وتوصيلته تتغير بالمعطيات الجديدة والمحينة". وتابع: "أظن أنه ستكون لدينا فكرة أفضل عن المخاطر الفعلية في غضون الأسبوعين المقبلين" مضيفا "سنحاول أن نتلمس، وكما فعلنا دائما، ومنذ عشرين شهرا، وبمقاربة علمية، وبالأدلة وتحليل المعطيات والمنحنيات والبيانات، تجاوز هذه الظاهرة".