وزير الصحة: ليس هناك ما يلزم غير الملقحين، ولكن الأمر أشبه بفضاء المدخنين وفضاء غير المدخنين الذي لا يمكن أن يلجه مدخنو السيجارة في إطار سلوك حضاري واحترام للآخر. كشف خالد ايت الطالب وزير الصحة زوال الأربعاء الماضي، أن المنظومة الصحية طالها التعب، وأن الأطر الطبية نال منها الإرهاق خلال السنتين الأخيرتين بسبب تداعيات الجائحة، وتجندها لكسب حرب ضد فيروس كوفيد19. وسجل خلال رده على المناقشات التي تطلبت خمس ساعات من التشريح الدقيق للوضع الصحي، سواء بشكل عام أو على المستوى الإقليمي أو المحلي في إطار أشغال لجنة القطاعات الاجتماعية برسم دراسة الميزانية الفرعية للقطاع، أن الطبيب اندحر في السلم الوظيفي الاجتماعي من الرتبة 3 إلى الرتبة 25، لذلك فان العمود الأساسي لإصلاح المنظومة الصحية في تقديره هو الموارد البشرية، وفي غياب تصحيح الأوضاع سيتعرض الطبيب إلى مزيد من الاندحار. وأضاف أنه رغم المشاكل والنواقص التي تنوء بها المنظومة الصحية والتي لا تعود فقط الى عشر سنوات، بل تعد نتاج تراكم لسنوات، توفقت الأطر الصحية في تخطي انعكاسات الجائحة، وكان بديهيا ان تكونآثار جانبية على مجالات أخرى مثل السرطان وتلقيح الأطفال.مستعرضا رقما ذا دلالة عميقة وهو وجود 222 طبيب إنعاش في القطاع العمومي، و485 في الخاص متمركزين بين الرباط والدار البيضاء مما يصعب نقلهم إلى مناطق بعيدة في هذه الظروف. وقال إن المنعطف الجديد الذي عاشه القطاع الصحي في الفترة الاخيرة يتطلب صياغة تصور ورؤية متكاملة، اعتبارا ان الصحة في العالم تموقعت في الخط الأمامي بسبب عدة تحديات،منها التحول الوبائي في العالم والنمو الديمغرافي، والموارد البشرية، وتطور التكنولوجيا والتقنيات والابتكارات في مجالات الأدوية،وهي أربعة عناصرأساسية لكسب رهان تعميم التغطية الصحية التي لا تنفصم عن إصلاح المنظومة الصحية لترابطهما الوثيق،فلا يمكن اصلاح جانب وإغفال جانب آخر، مع الوعيبوجود عدة اختلالات ينبغي تداركها تدريجيا. وتناول بعد ذلك إشكالية الخصاص في تكوين الأطر الطبية والتي تقتصر 2200 في السنة بينما المُتطلب هو أزيد من3 آلاف سنويا لتغطية حاجيات 6 مستشفيات جامعية ستعزز بمؤسستين في طنجةوالعيون، مع جعل الجهة مدخلاللإصلاح من خلال برنامج الطب الجهوي تلازما مع الجهوية المتقدمة، وتجميع الكفاءات الطبية في جهة معينة،يتم استعمالها في تدخلات طبية ملائمة لحاجيات الساكنة، ويتضمن البرنامج الطب المتنقل وسياسة القرب، وطب الأسرة وصيدلية الأسرة. كما أبرز أن الرؤية الجديدة تتطلب إصلاح المنظومة الصحية والوظيفة العمومية الصحية، وحتى يتسنى للطبيب التحرك لا بد من تحفيزه، حيث يسعى بدوره الى تحسين وضعه الاجتماعي، وتدريس أبنائه والتوفر على سكن مناسب وهو ما لا يتيحه أجر ب8 آلاف درهم، الطبيب 8 الاف درهم خاصة بعد سنوات طويلة من الدراسة لعدة سنوات، وبالتالي لا يمكن أن نطالبه بتغليب المصلحة العامة، وهو يعمل في ظروف قاسية، وغير مريحة ولا يتقاضى أجرا محترما. وقال إن الإصلاح انطلق في الولاية الحكومية السابقة من خلال الاستثناء من الوظيفة العمومية الحكومية وفق القانون 39.21 كمدخل للوظيفة العمومية الصحية، وان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية قدم نموذجا لتحفيزهم، موضحا أنه لا يمكن أن يقصي المكونات الصحية الأخرى، لأن المنظومة لا تضم فقط من يباشرون العلاج، فهناك من يعمل بطريقة غير مباشرة كمجال الصيانة التي لها مهندسوها وتقنيوها، وبدونهم لن يقوم الطبيب أو الممرض بالتدخل العلاجي، وتظل الميكانزمات التحفيزية موضوع تشاور ونقاش مع الشركاء الاجتماعيين، موازاة مع العمل الذي تشهده التعرفة الطبيةالتي تبقى دون قيمتها الحقيقية. وفي اطار تفعيل الحكامة، فقد أوضح انها تقتضي تكتلا جهويا للمستشفيات والمستوصفات والمراكز والتي ستدور في قطب المستشفى الجامعي، ما يعني التوفر على مسلك علاجي متناغم ومنسق من المستوى الأول الى الثالث، وعدم تكتل الأطباء في المستشفى الجامعي فقط وخاصة المقيمين، والذين يمكن توظيفهم في الطب العام في إطار المنظومة الصحية الجهوية، وإقرار تحفيز على شكل راتب قار وراتب متحرك حسب المردودية وحجم العلاجات المقدمة مع اعتماد سقف تحفيزي، وإمكانية التنقل لمؤسسة أخرى، موازاة مع رصد المناصب المالية للجهة والتي تحدد الحاجيات في الأطباء او الممرضين أو تخصصات بعينها. ونبه إلى ضرورة اعتماد سياسة دوائية ناجعة تمكن المغرب من تغطية حاجياته ومواكبة المتغيرات والحاجيات الآنية والمستقبلية. وبخصوص عملية التلقيح، فقد أفاد أن المغرب رخص أربعة لقاحات أثبتت نجاعتها، وأوقف العمل بلقاح فايزر نظرا لإشكالات مرتبطة بالتجميد والتخزين وليس بالمضاعفات، مشددا على أن اعتماد جواز التلقيح لا يروم تقييد التنقل بل حماية الملقحين الذين انخرطوا في العملية لضمان العودة للحياة الطبيعية وبما أن ازيد من 24 مليون تلقوا اللقاح فإن الجواز أصبح تحصيل حاصل، محذرا رغم وجود المغرب في المستوى الأخضر من حدوث انتكاسة. وبالنسبة لغير الملقحين قال المتحدث، ليس هناك ما يلزمهم، ولكن الأمر أشبه بفضاء المدخنين وفضاء غير المدخنين الذي لا يمكن أن يلجه مدخنو السيجارة في إطار سلوك حضاري واحترام للآخر.