يبدو أن ملف العلاقات المغربية الإسبانية سيظل مفتوحا على مصراعيه على الأقل خلال الأفق المنظور، وسيظل مادة صحفية دسمة لمختلف وسائل الإعلام بالبلدين الجارين خلال القادم من الأيام، حيث يكاد لا يمر اليوم الواحد دون أن نقرأ أو نسمع جديدا أو مستجدا في هذا الشأن. مباشرة بعد مصادقة البرلمان الأوروبي الخميس الماضي على قرار يرفض توظيف المغرب للمهاجرين القاصرين في أزمته مع إسبانيا، من خلال تصويت 397 برلمانيا أوروبيا لصالح القرار، واعتراض 85 عضوا، وامتناع 196 برلماني عن التصويت، وكذلك بعد موافقة مجلس الإتحاد الأوروبي على ضخ 10 مليون أورو لفائدة حكومة مدريد كتعويض عن الأضرار الناجمة عن اقتحام المهاجرين لمدينة سبتة السليبة، بعدما استمع رؤساء الدول والحكومات الأوروبية للتقرير المفصل الذي ألقاه بيدرو سانشيز بخصوص التدفق الجماعي الأخير للمغاربة نحو سبتةالمحتلة.
قررت حكومة مدريد مواصلة سعيها الحثيث لاستغلال القرار الأوروبي الأخير لصالحها على أوسع نطاق، من خلال محاولة إضفاء الطابع الأوروبي على أزمتها مع المغرب، وتكريس وضعية المدينتين السليبتين سبتة ومليلية كمناطق أوروبية ما وراء البحار، حيث شرعت حكومة مدريد في دراسة مقترح فرض تأشيرة «شنغين» على جميع المغاربة الراغبين في ولوج المدينتين السليبتين سبتة ومليلية، إضافة إلى دراسة مقترح تعزيز التواجد العسكري بالثغرين المحتلين بمبرر التصدي للهجرة السرية، من منظور استباقي، استنادا على آخر التقارير الاستخباراتية الإسبانية، التي نبهت حكومة مدريد من تدفق جديد للمهاجرين وتكرار سيناريو ما وقع مؤخرا في سبتةالمحتلة- حسب جريدة «إل إسبانيول».
وكان رئيس حكومة إسبانيا بيدرو سانشيز قد طالب المغرب بعد انتهاء القمة الأوروبية الأخيرة بضرورة احترام الحدود بين البلدين ومراقبة الهجرة، كما أعرب عن رفضه للأصوات الإسبانية والأوروبية التي ترغب في ربط المساعدات المالية المقدمة إلى المغرب بمدى احترامه لالتزاماته وعدم تساهله فيما يتعلق بملف مكافحة الهجرة غير الشرعية، كما حدث مؤخرا على الحدود الوهمية لسبتة، كرد فعل مغربي على موقف إسبانيا من نزاع الصحراء واستقبالها لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي.
هذا الحادث الذي تحول إلى أهم موضوع في إسبانيا، وحديث الرأي العام الوطني، كما خلف جدلا واسعا بين المعارضة والأغلبية الحكومية في وسائل الإعلام بشبه الجزيرة الإيبيرية.
ومن ضمن الأصوات التي ارتفعت في هذا الشأن، وزير الدفاع الأسبق فدريكو تريليو (2000-2004) الذي اعتبر ما جرى ليس سوى ستار يحجب ما اعتبره الحقيقة وهو «تخطيط المغرب لاستعادة سبتة ومليلية مستقبلا».