في خطوةٍ كانت موضوعََ نقاش مستفيض بين مختلف الفاعلين الحقوقيين وأهل الاختصاص، أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان "وحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف روافده". وذلك خلال حفل احتضنته عصرَ اليوم الثلاثاء، رحابُ أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، وحضره لفيفٌ من الفاعلين الحقوقيين والباحثين الأكاديميين المختصين والمهتمين. قالت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أمينة بوعياش، في كلمتها بالمناسبة، إن اختيار مقر أكاديمية المملكة لإطلاق هذه الوحدة ذو دلالة، مضيفة أن الانكباب على هذا الورش يقتضي الانفتاح على ذوي الاختصاص من باحثين للإسهام في تقديم المعطيات، وتقييم الأحداث، وكتابة التاريخ الراهن لحقوق الإنسان بالمغرب، وحفظ الذاكرة المشتركة وتحويلها إلى دعامة للبناء المنتج، وبما يفتح آفافَ جديدة للحكامة وإحداث مسارات للتنمية المجالية والجهوية بشكل عام.
وعلى هذا الأساس، يقول بوعياش، يعتبر قرار إحداث وحدة لحفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف روافده، ودعم إدماجه في المقررات الدراسية، إلى جانب المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تنفيذا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة في الجانب المتعلق منها بالذاكرة والتاريخ، وتجاوبا مثمرا مع المواثيق الدولية والمقتضيات الدستورية في هذا المجال.
كما يندرج إحداث هذه الوحدة وفق الرئيسة، ضمن استراتيجية مندمجة يعتمدها المجلس منذ سنة 2019، تعكس مسار التطور الذي يشهده المجال الحقوقي ببلادنا، والمساهمة في بناء الديمقراطية، وممارسة حقوق الإنسان في الدولة والمجتمع، معتبرة أن هذه الوحدة بذلك تكون آلية لدراسة مجالات الحقوق والاهتمام بالتاريخ الراهن لتأهيل أطراف المؤسسات المعنية.
وخلصت المتحدثة، في كلمتها التي تلاها بالنيابة، أمين منير بنصالح، الأمين العام للمجلس، إلى كون وحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف، روافده فضاء للتفكير والبحث الموضوعي في القضايا التي تهم التاريخ الراهن وامتداداته، والتي بقدر ما يمكن أن تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في تكريس دولة الحق والقانون، بقدر ما يمكن أن تكون أيضا منطلق لتأصيل الممارسة الديمقراطية وفعلية حقوق الإنسان على صعيدَي المجتمع والدولة.
وتتكون اللجنة الاستشارية، لوحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف، من الأساتذة: عبد الحي المودن، وعبد الله بوصوف، ولمياء الراضي، أحمد عبادي، جامع بيضا، محمد دحمان، محمد الساعدي، الطيب بيا، بودريس بلعيد، فيكتور بنحيون.
في هذا السياق، قال عضو اللجنة الاستشارية لوحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف، عبد الحي المودن، إنّ الوقوف على ما أنجز خلال الخمس عشرة سنة الماضية في مجال حقوق الإنسان في المغرب، منذ صدور توصيات التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة، يملي تقييم نتائجه، والبحث في ما لم يتحقق من هذه التوصيات، والبحث عن الصعوبات التي حالت دون تحقُّقها.
واعتبر المودن، أن دور هذه الوحدة، سيكون بالغ الأهمية في الانطلاق من هذا الجرد التقييم بتجارب المشاريع الميدانية التي تراكمت، ومن التعرف على الخبرات البشرية التي ساهمت فيها، بغرض التعريف بإنجازاتها والاستفادة من خبراتها، والبحث في كيفية دعمها.
كما سيكون هذا الجرد، بنظر عضو اللجنة ذاته، ذا فائدة في فهم الصعوبات التي اعترضت المشاريع المبرمجة التي لم تنجز، أو التي تحقق بصفة جزئية أو مؤقتة.
وشدد على أن خمس عشرة سنة من مسار حفظ التاريخ والذاكرة الجماعية في مختلف أنحاء المغرب، وفرت للمغرب خبرة ميدانية غنية سواء ما يتعلق بعوامل النجاح أو أسباب التعثر، وساهمت في اكتشاف الخبرات الوطنية المتوفرة، والوقوف على النقص في المؤهلات المعرفية والتقنية في هذا المجال، وهو ما يوفر لهذه الوحدة المحدثة مصدرا لا يمكن إلا أن يكون دعامة قوية لمتابعة الاشتغال حول المشاريع الموصى بها، والتفكير في مشاريع جديدة باعتماد مقاربة تسمح بتجاوز صعوبات التنفيذ.