بيكين أخلت بالتزاماتها والرباط تطرق أبواب موسكو وواشنطن وبروكسيل تسود مخاوف حقيقية على استمرار الحملة الوطنية للتلقيح ضد كورونا، يذكيها إخلالُ مصدري اللقاح بالتزاماتهم مع المغرب، مما دفع الرباط إلى طرق باب الروس بعد تراجعها عن اتفاق مبدئي معهم في غشت المنقضي لاقتناء لقاح "سبوتنيك 5"، وكذا باب الأمريكان، من أجل لقاح "جونسون آند جونسون" وحيد الحقنة، رغم استحواذ الولاياتالمتحدة وجنوب أفريقيا على حصة الأسد منه.
وقال مولاي المصطفى الناجي، مدير مختبر الفيروسات بجامعة الحسن الثاني في الدارالبيضاء، إن المغرب طلب ترخيصا للحصول على لقاح "سبوتنيك 5" الروسي، مضيفا في تصريح ل"العلم"، أن وزارة الصحة قامت بجميع الإجراءات اللازمة، توجها اتفاق الوزير خالد آيت طالب مع الجانب الروسي، على التعاون بين الطرفين بخصوص شراء هذا اللقاح.
ولم ينفِ خبير علم الفيروسات ذاته، خبر طلب المغرب لمليون حقنة من لقاح "سبوتنيك 5" الروسي، واستدرك بأن الطلب شيء والموافقة عليه شيء آخر، بحكم الضغط الكبير الذي تعرفه سوق اللقاحات جرّاء تزايد الطلب العالمي، وضرب لذلك مثلا بشركة "سينوفارم" الصينية التي تعهدت بتسليم المغرب 5 ملايين حقنة، بينما لم تزوده حتى الآن إلا بمليون ونصف المليون حقنة فقط مطبقةً سياسة تقطير الحقنات على الدول.
وأوضح مولاي المصطفى الناجي، أن المغرب يحتاج إلى 65 مليون حقنة من اللقاحات للتصدي للفيروس التاجي، بينما لم يصله حتى الآن غير 8,5 مليون حقنة، وهو ما دفع بلادنا إلى اعتماد مقاربة استباقية لتوفير اللقاح، مشيرا إلى أن وزارة الصحة تدرس جميع إمكانيات التفاوض مع عدة دول للحصول على الكمية الكافية لتطعيم 80 في المائة من المغاربة.
من جهته، تساءل المستشار السابق لمنظمة الصحة العالمية، عزيز غالي، عن سبب تراجع المغرب عن اتفاقه مع منتجي اللقاح الروسي "سبوتنيك 5"، بعدما أبرم معهم اتفاقا مبدئيا في غشت الماضي، قبل أن يستبدله بلقاح "أسترازينيكا" البريطاني المصنع في الهند.
وقال غالي، إن السؤال الأكبر هو لماذا لم تستفد بلادنا من مشروع "كوفاكس" الممول من طرف منظمة الصحة العالمية، والذي كان مقررا أن يمد المغرب بنحو مليون ومائتي ألف جرعة من اللقاح، في حين توصلت نيجيريا مثلا بأربع ملايين جرعة، فما السبب وراء إقصاء المغرب من الاستفادة من هذه المبادرة؟
ونفى المتحدث، أن يكون لجوء وزارة الصحة إلى لقاح "سبوتنيك 5" خطة استباقية، معتبرا أن هناك تراجعا عما سبق للمغرب توقيعه في هذا السياق. وذكر بتصريح عبد الغني الكرماعي، رئيس مختبرات "كالينيكا" بالمغرب، الذي يفيد أنه كان مقررا التوصل بلقاحي "أسترازينيكا" و"سبوتنيك 5"، كما أكد رئيس المختبرات المنتجة للقاح الروسي عن توقيع الاتفاق مع مختبرات "كالينيكا" لتصدير اللقاح، إلا أن تدخل جهة ما أوقف سيرورة العملية لسبب مجهول.
في هذا السياق، أعلن البنك الأوروبي للاستثمار في المغرب عن تعبئة تمويلات بقيمة إجمالية تتجاوز 7.6 مليارات درهم لفائدة المملكة خلال سنة 2020، وهو ضعف ما أنجز سنة 2019. وقالت آنا بارون، ممثلة البنك في ندوة رقمية حول تقييم حصيلة مجموعة البنك الأوروبي للاستثمار في المغرب خلال عام 2020، إن مؤسستها تعبأت بشكل قوي في إطار مبادرة "تيم يوروب" لمنح دعم استعجالي وسريع للمغرب في إطار مكافحة جائحة كوفيد-19.