إن كان هناك شيء موحد لكل اختلافات الرؤى والتحاليل والتعليقات والردود التي أعقبت ما جرى يوم الخميس عاشر دجنبر 2020، فإنه بكل تأكيد استثنائية وتفرد هذا اليوم الذي سيظل بثقل ما حمله من قرارات، موثقا في سجل الأحداث الكبرى ذات البعد الدولي التي لا تنسى. لقد اعترفت الولاياتالمتحدةالأمريكية، القوة الأعظم في العالم والعضو الأبرز في مجلس الأمن، بمغربية الصحراء وقررت فتح قنصلية في مدينة الداخلة. كما اعترف المغرب بدولة إسرائيل وجدد تشبثه بحل الدولتين وبالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة والكاملة السيادة. لقد زلزلت هذه القرارات الأرض تحت كراسي وأقدام عديدة وبعثر أوراقا وحسابات ظنها الكثيرون قارة وموثوقة وأربك عقولا وألسنة وأخرس وأنطق وأسعد وأبكى، لشدة وقع حمولته السياسية والنفسية. إلا أنه رغم زخم التحاليل والقراءات المتعاقبة بوثيرة متسارعة، بما فيها المعلنة والمتخفية وراء الأبواب المغلقة في بلدنا كمعني أول وأساسي بقرارات هذا العاشر من دجنبر، فإن الكلامين الرسمي والعام على حد سواء، قد سكتا لاعتبارات مختلفة، عن ثابتين هما في صميم وجوهر الديبلوماسية المغربية في كل تعبيراتها وتجلياتها طوال العشرين سنة الأخيرة، وبالتالي مفتاح قراءة وتدبر ما حدث، بعيدا عن مجرد عواطف وحماسات طبيعية أو مصطنعة مهما كانت توجهاتها وخلفياتها، أو عن أي استنتاجات وبديهيات مستشفة من منطق العصر الذي لا يدين إلا باللهث وراء المنافع والمصالح الآنية ويبرر ويتقبل كل شيء من خلالها.