إعتبرعبد الهادي التازي، في محاضرة ألقاها بطرابلس و التي تتبعها نخبة من الباحثين والمختصين ورجال الفكر والطلبة في الجامعة الليبية، أن الأمر يتعلق في الواقع بمخطوطة كاملة و»بنسخة نادرة وفريدة وعظيمة» مشيرا إلى أن هذه المخطوطة، وعلى خلاف النسخ الأخرى، لا تحمل عنوان «تحفة النظار وعجائب الأمصار « كما هو معروف، وإنما تحمل عنوانا مختلفا هو «الدرر الملقوطة في رحلة ابن بطوطة». واستدل على صدقية هذه المخطوطة بكون مقدمتها لا تنسب مضمونها إلى ابن بطوطة نفسه، كما درجت على ذلك بعض المقدمات التي وضعها «بعض الفضوليين»، وإنما يفهم من سياقها أن كاتبها هو ابن جزي، معتبرا أن اكتشاف هذه المخطوطة يعتبر تحولا جذريا في مجال تحقيق رحلة ابن بطوطة. وذكر الاستاذ عبد الهادي التازي بأن أول من أشار إلى وجود مخطوطة لرحلة ابن بطوطة في طرابلس هو المستشرق الدانماكي دي هيمسو، وذلك في رسالة كتبها للمستشرق الفرنسي دي ساسي قبل قرنين من الزمن. وأبرز في هذا السياق الجهود التي بذلها المستشرقون للتعريف بهذه الرحلة وبصاحبها بدء من بوكهارت الذي كان أول مستشرق يهتم بها، وانتهاء بدي فريمي وسانغينيتي اللذين ترجما الرحلة الى الفرنسية في ثلاث مجلدات، وهي الترجمة التي أصبحت بعد ذلك الأساس الذي اعتمدته ترجمة هذه الرحلة إلى اللغات الأخرى. وأوضح الأستاذ التازي أنه لو تم الكشف عن هذه المخطوطة في فترة مبكرة لتم تجنب الكثير من الأخطاء والصعوبات التي كانت تعترض تحقيق رحلة ابن بطوطة مذكرا بأنه اضطر هو شخصيا، في تحقيقه لرحلة ابن بطوطة، إلى اعتماد 30 مخطوطة منتشرة في بلدان مختلفة من العالم وسد بعض الثغرات اعتمادا على الترجمة (صدر تحقيق الاستاذ التازي عن أكاديمية المملكة المغربية في خمس مجلدات). ودعا الاستاذ التازي في الختام الى طبع ونشر رحلة ابن بطوطة على أساس هذه النسخة (نسخة طرابلس) مشيرا إلى الأهمية التي تكتسيها بعض التعاليق والهوامش التي تتضمنها هذه المخطوطة من الناحية المعرفية.