بات موضوع التنمية العمرانية منذ سنين هما يشغل بال عدد من القطاعات الحكومية وطنيا وجهويا ومحليا, في إطار مساعي التأسيس لتجمعات عمرانية تتوفر بها شروط العيش الكريم بداخل المدن والأحزمة الحضرية المحيطة بها, أو في الجماعات القروية الناهضة على مشارف الحواضر. وتهدف هذه المساعي إلى مواجهة ظاهرة التشوهات العمرانية الناجمة عن النمو الديمغرافي, وتزايد الطلب على السكن, وعدم توفر كل الأسر على ما يكفي من الموارد المادية لتحقيق هدف الحصول على سكن . وعلى الرغم من اتخاذ الحكومة في الآونة الأخيرة سلسلة إجراءات من شأنها التخفيف من حدة أزمة السكن بالنسبة للفئات الاجتماعية ذات الدخل المتوسط والمحدود, من قبيل تشجيع البرامج السكنية الموجهة لهاتين الفئتين, أو إحداث أقطاب حضرية جديدة على مشارف بعض المدن, فإن التشوهات العمرانية سواء التي تتخذ شكل بناء عشوائي أو بناء غير قانوني أو تجمعات سكنية فوضوية لا زالت متفشية في مناطق مختلفة من الحواضر والتجمعات السكنية الناهضة الموجودة على مشارف المدن. وتشكل الجماعة القروية ل»تارميكت» الواقعة على مشارف مدينة ورزازات إحدى الحالات التي تجسد ظاهرة التشوه العمراني المنتشرة بشكل ملفت في الأحياء والتجمعات السكنية بمختلف أنحاء هذه الجماعة التي صنفت من طرف وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية كمجال ترابي قابل لأن يصبح مركزا حضريا صاعدا في إقليمورزازات. فوضعية التعمير في هذه الجماعة القروية, كما جاء في دراسة أعدتها الوكالة الحضرية لورزازات وزاكورة وقدمت أثناء الدورة الاستثنائية التي عقدها المجلس الجماعي لتارميكت مؤخرا, تشير إلى أنه بالرغم من كون هذه الجماعة قد سبق تغطيتها بتصميم إعادة الهيكلة, فإن تطبيق هذا التصميم على أرض الواقع واجه عدة صعوبات ومشاكل بفعل عدم التقيد بما ينص عليه. ومن جملة المشاكل العمرانية التي تعرفها هذه الجماعة القروية, والتي تجعل من مشروع إعادة الهيكلة المقترح من طرف المجلس السابق أمرا صعبا للغاية, هناك اكتساح جزء هام من المناطق الخضراء المحددة في تصميم التهيئة, وتغيير تنطيق مجالات من مناطق معاشية إلى مناطق تجارية, والتقليص من امتداد المنطقة الممنوع البناء فيها, فضلا عن تغيير تنطيق بعض الأماكن المسموح فيها ببناء وحدات من طابق أرضي زائد طابق واحد أو طابقين اثنين, إلى طابق أرضي زائد ثلاثة طوابق. ويقول مدير الوكالة الحضرية لورزازات زاكورة البشير أوسيبلا, أن النمو الديمغرافي بالجماعة القروية لتارميكت انعكس على المشهد العمراني للجماعة, ومن تم أصبح على الجهات المعنية التدخل لتنظيم المجال حتى يتوافق هذا النمو مع القوانين والمساطر المنظمة لمجال التعمير. وأضاف أوسيبلا أنه رغم الجهود المبذولة, فإن البناء العشوائي ظل يكتسح مناطق شتى من تراب الجماعة, مما دفع بمصالح عمالة الإقليم والوكالة الحضرية إلى تكثيف المراقبة, حيث تم تسجيل ارتفاع في عدد المخالفات الذي تضاعف ثلاث مرات خلال الشهور الثمانية الأولى من السنة الجارية مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية. وأشار مدير الوكالة الحضرية إلى أن البناء العشوائي إما يتخذ شكل بناء بدون ترخيص, أو الترامي على الملك العمومي, أو عدم احترام التصميم المصادق عليه, أو تقسيمات غير قانونية لعقارات, أو استغلال رخصة الإصلاح للقيام بعملية البناء. وإزاء هذه الوضعية غير السليمة للتطور العمراني داخل المجال الترابي للجماعة القروية لتارميكت, بادرت الوكالة الحضرية, بناء على توصية من عمالة إقليمورزازات, باتخاذ إجراءات عملية بهدف الحد من انتشار البناء العشوائي, والعمل على توجيه المواطنين الراغبين في اقتناء عقار إلى اتباع الطرق القانونية حتى لا تضطر السلطات المختصة إلى تفعيل الإجراءات القانونية في حق مخالفي قوانين التعمير واللجوء إلى الهدم أو المتابعة القضائية. وبهذا الخصوص, بادرت الوكالة الحضرية لورزازات وزاكورة, فضلا عن تبسيط مساطر دراسة ملفات التعمير, وتسريع عملية البت فيها, باتخاذ إجراء عملي يصب في اتجاه تعريف الشخص الراغب في اقتناء عقار مخصص للسكن بالقوانين السارية في مجال التعمير. ويتمثل هذا الإجراء في صياغة «إعلان للعموم» وعرضه في مختلف الإدارات والأماكن العمومية, لإطلاع المواطنين على هذه القوانين, وإخبارهم بالوثائق الواجب توفرها في الملفات الخاصة بطلبات رخص البناء والتجزيء أو التقسيم . وبالرغم من فعالية هذه المبادرة, فإن الحد من التشوهات العمرانية في الجماعة القروية لتارميكت, لا يمكن أن يؤتى أكله إلا بسن إجراءات مصاحبة, وهو ما جعل الوكالة الحضرية لورزازات وزاكورة تقترح إجراءات مكملة منها القيام بمراقبة متواصلة, وتسريع مسطرة تطبيق القانون في حق المخالفين.