حذرت منظمات غير حكومية من 75 دولة في مؤتمر عالمي بالمكسيك، أن قرار كولومبيا بفتح قواعدها العسكرية للولايات المتحدة، والإتفاقيات العسكرية الأخيرة بين البرازيل وفرنسا، وصفقات الأسلحة المبرمة بين فنزويلا وروسيا، إنما تنذر بإنطلاق سباق تسلح وعودة العسكرة في أمريكا اللاتينية. فقد ذكر ثيسار مارين ، مندوب منظمة شبكة العمل الدولي ضد الأسلحة الصغيرة التي تأسست في 1998 ، وتضم 800 منظمة من 120 دولة والمشارك في المؤتمر السنوي للمنظمات غير الحكومية المتعاملة مع إدارة الإعلام العام بالأممالمتحدة، ذكر لوكالة انتر بريس سيرفس أن المنطقة "تشهد عملية تحديث (عسكري) غير إيجابية، وتجتاز مرحلة من إنعدام الثقة بين دولها". أما الأرجنتينية باولا ثيلوني ، مندوبة منظمة السياسات العامة، فقد صرحت أن "شراء الأسلحة يمثل مصدرا للخطر ، ويهدد بعودة شبح العسكرة في دول مثل كولومبيا والمكسيك والبرازيل وتشيلي وفنزويلا". يذكر أن الحكومة البرازيلية أبرمت ، هذا الشهر، مع فرنسا إتفاقيات تعاون ونقل تكنولوجيات عسكرية قيمتها 12,5 مليار دولارا، تشمل شراء البرازيل لخمس غواصات، واحدة منها نووية، و 50 مروحية نقل، وإمكانية شراء 36 مقاتلة. وأعلنت البرازيل أن الغاية من هذه الإتفاقيات هي حماية ثرواتها النفطية الضخمة التي إكشفتها مؤخرا في أعماق مياهها الإقليمية، وأن الطاقة النووية المتفق عليها لتشغيل أحد الغواصات التي إشترتها من فرنسا ، لا تتجاوز حدود الإستخدام السلمي لهذه الطاقة. هذا وكانت حكومة فنزويلا قد أعلنت من ناحيتها ، في يونيو الماضي، قرارها بمضاعفة وتحديث ترسانتها من الدبابات وشراء وحدات جديدة من روسيا، تضاف إلي الطائرات والمروحيات والبنادق وغيرها من العتاد العسكري الروسي الذي إشترته في الخمس سنوات الأخيرة، بعدة مليارات من الدولارات. كما أبرمت حكومتا باريس وكاراكاس اتفاقيات جديدة تشمل التعاون في مجال تبادل التكنولوجيات، وإجراء مناورات عسكرية مشتركة ، وتوثيق الروابط العسكرية الفنزويلية الروسية. كل هذا يضاف إلي مشتريات بيرو وتشيلي من السلاح في السنوات الأخيرة. بيد أكثر دواعي القلق في أمريكا اللاتينية جاء علي صورة الإتفاقية التي أبرمتها حكومتا بوغوتا وواشنطن التي ترخص كولومبيا بموجبها أن تستخدم القوات الأمريكية سبع من قواعدها العسكرية علي الإقل، ما يمنح الولاياتالمتحدة تفوذا إستراتيجيا واسعا لمراقبة أمريكا اللاتينية. وأعلنت بوغوتا وواشنطن أن الهدف الوحيد من الإتفاقية هو مكافحة تجارة المخدرات والقوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك). بيد أن منظمات المجتمع المدني ومصادر حكومية في الدول المجاورة لكولومبيا تشدد علي أن الغاية من التواجد العسكري الأمريكي الجديد تتجاوز كثيرا هذا النطاق بل وقد تهدد سيادة كافة دول المنطقة. يشار إلي أن اتفاقية القواعد هذه تضاف إلي قرار الولاياتالمتحدة في أبريل من العام الماضي، بإعادة تنشيط اسطولها العسكري الرابع الذي شكلته في عام 1943 للإبحار في مياه أمريكا اللاتينية، وأبطلت العمل به في عام 1950. وعلي الرغم من كل ذلك، لم تدخل قضايا التسلح والعسكرة الجديدة في أمريكا اللاتينية رسميا في نطاق مداولات مؤتمر المكسيك العالمي الذي شارك فيه أكثر من 1,700 وفدا من 75 دولة، لمناقشة نزع السلاح في العالم، بما يشمل الأسلحة النووية والأسلحة الصغيرة والخفيفة، والذي إنعقد تحت شعار "نزع السلاح الآن: لنعمل من أجل السلام والتنمية". أما مسودة البيان الختامي للمؤتمر، المفتوحة لتقديم الإضافات واقتراحات التعديل حتي يوم 18 الجاري، فتنص علي إقتراح مرفوع للمجتمع الدولي بالتوصل إلي معاهدة "لتنظيم التجارة العالمية في قطاع الأسلحة التقليدية... تطبق علي كافة أنواع الأسلحة التقليدية" وبلا إستثناء. وصرحت آنا يانسي اسبينوثا من مؤسسة أرياس للسلام التي أسسها رئيس كوستا ريكا، أوسكار أرياس، الحاصل علي جائزة نوبل للسلام لعام 1987، لوكالة أنتر بريس سيرفس، أن "ثمة حاجة لعقد مؤتمر إقليمي حول تجارة الأسلحة الصغيرة والخفيفة، لأن الأممالمتحدة تركز علي نزع السلاح النووي" أكثر منها علي غيره من الأسلحة. وعلقت كارمن دي ليون اسكريبانو، مديرة معهد التربية من أجل التنمية المستدامة في غواتيمالا، لوكالة انتر بريس سيرفس، أن مسودة المؤتمر تبلور الإهتمام السائد في العالم بنزع السلاح. يشار إلي أن عدد الأسلحة الصغيرة والخفيفة المتداولة في العالم يتجاوز 500 مليون سلاحا، بمعدل سلاح لكل 12 شخصا، وأنها لعبت وتلعب دورا أساسيا في 46 من إجمالي 49 نزاع مسلح هام منذ 1990، وأدت إلي قتل 4 مليون فردا أغلبهم من المدنيين والنساء والأطفال وفقا لبيانات الأم المتحدة.