العيون كبرى حواضر الصحراء المغربية عبد الرحمان رفيق* يعيش المغرب في وقتنا الحالي حربا جغرافية، لا تختلف عن الحروب التي خاضها عبر عقود، والتي دائما ما يخرج منها قوياً منتصراً. وقد تكسرت على عتباته كل أطماع جيرانه، والحالمين في زحزحة المملكة عن جغرافيتها وعرشها الراسخ في إفريقيا، إلا أن المغرب يعرف جيدا كيف يحافظ على أمنه وخصوصيته؛ فعلى مر آلاف السنين، لم يتوقف الطامعون والمتآمرون عن الكيد له والتآمر عليه، ورغم ذلك لم ينالوا مبتغاهم. * الطالب الباحث عبد الرحمان رفيق لكن، نلاحظ خلال هذه السنوات الأخيرة، أن هناك من يحاول جاهدا زرع الشر في هذا البلد، عبر بوابة الصحراء المغربية، وما يحدث في الصحراء المغربية من مراوغات من طرف الكيان الوهمي، يؤكد لنا أنه مجرد جزء صغير من مخطط كبير، هدفه ضرب استقرار المغرب وجعله ضعيفا، وأيضا سحب ريادة إفريقيا منه. لهذا، لا يملك المغرب خيارا أو بديلا في خوض نزاع الصحراء المغربية، فهي حرب فرضت عليه دفاعا عن وجوده، أرضه وعرضه، وأيضا حماية لمقدساته و تاريخه، وضمانا لمستقبل شعبه. ولقد اتخذت تلك الحرب أشكالا مختلفة، وتنوعت فيها أسلحتها ومقاتلوها وحتى ساحاتها. اليوم نحن نواجه شكلا آخر من أشكال تلك الحرب، ونرى تهديدا قويا وخطرا داهما، يسعى نحونا متخفيا بدعم من الجزائر، التي منذ خسارتها لمعركة الرمال؛ وهي تسعى جاهدة للإنتقام وتصفية حسابات قديمة مع المغرب؛ ليس نحن ما يقول ذلك، بل مايقوله ويؤكد عليه التاريخ، أحداثه وحروبه. ومن يظن، أن مواجهاتنا مع الجزائر نملك فيها خيارا، فهو بالقطع ينقصه الكثير من الوعي والفهم؛ فتلك لن تكون أول مواجهة لنا معهم، بل حربنا مع نظامهم الحاقد قائمة منذ عقود ماضية، وهذه الحرب المستمرة حاليا، ليست مختلفة تماما عن الحروب السابقة، بل فقط إتخذت شكلا وساحة أخرى للمعركة، بعد أن نالوا الهزائم في كل مواجهاتهم السابقة. عندما تنتصب المملكة واقفة لتدافع عن صحرائها، فإنما هي تدافع عن جزء لا يتجزأ من هويتها وتاريخها، وأي تفريط في سيادتها هو تهديد مباشر لأمن وسيادة الوطن، ومن يظن لوهلة أن المغرب يمكن أن يتهاون في الدفاع عن الأراضي المغربية، فهو يؤكد جهله بتاريخنا وقوتنا. فالصحراء، امتزجت دماؤها مع المغرب، فلا تجدن يوما واحدا قد خلا من الشهداء من أجل هذا الوطن، الذين ضحوا وقتها بأعز ما يملكونه؛ ألا وهي "أرواحهم" التي لا زالت دماؤها تسري في عروق الصحراء المتجدرة، وتسري في رمالها. أيضا هناك، من يرى أن دخولنا تلك المواجهة مع الكيان الوهمي فيها استدراج لنا لنسقط في مستنقع يصعب علينا الخروج منه مستقبلا، ويستنزف قوانا واقتصادنا، ويرونها مواجهة خاسرة، إلا أننا نؤمن بعبارة مفادها:"حارب عدوك بالسلاح الذي يخشاه، لا بالسلاح الذي تخشاه أنت". ولا أحد منا، ينكر دور الكفاءات العالية ذات الخبرة، التي تقع عليها عيون القائد المبجل الملك محمد السادس نصره الله؛ الذي يختار بعناية خاصة من يتولون تسيير هذه القضية، ولا سيما أنها باتت قضية رأي عام وطنيا ودوليا. كما أن، الأطر الكفوءة واعون جيدا مدى ثقل قضية الصحراء؛ ولذا فهم يبذلون قصارى جهدهم للرقي بها وتغيير نظرة الجميع نحوها. رغم كل المزاعم والإدعاءات، التي تحوم حول القضية، إلا أن الملك محمد السادس نصره الله، وبمعية هؤلاء الأكفاء، يواجهون وبكل الطرق السلمية والقانونية، من سولت له نفسه الإساءة للملف الشرعي للمملكة؛ وهذا ما يعكس مدى تشبت الجميع وبأي طريقة بملف الصحراء. علاوة على ذلك، الأوراش التنموية الكبرى، التي أطلقها صاحب الجلالة حفظه الله، بالأقاليم الجنوبية للمملكة وجعلها نموذجا تنمويا واقتصاديا ناجحا، وهذا بالفعل مانشهده ونعيشه حاليا، مما رفع مكانة الصحراء، سواء في قلوب الشعب، أو المنتظم الدولي، الذي بدوره ينوه بمجهودات المملكة المغربية. ولا ننسى أن المغرب يتحرك بخطوات مدروسة، لاستنفاذ كل الأوراق، لتأكيد حرصه على تجنب التوتر، واللجوء إلى القوة فقط في حالة ما فشلت كل هذه الأوراق ونفذ صبرها، وفي هذه الحالة فلا مفر من حماية حقوقه ومصالحه، بل وحماية حياة شعبه باللجوء إلى آخر ورقة والتي تحتوي على العمل العسكري. ومن يراقب تحرك الدبلوماسية المغربية على مدى العقود الماضية، فإنه يثق أنها تستند على مبادئ وقيم راسخة، ولم يحدث أنها فرطت يوما في حق، برغم الظروف والمحن والتحديات التي واجهتها، سواء كانت داخليا أم خارجيا. ونحن على يقين أن المغرب سوف ينتصر في نهاية المطاف. وفي الختام، نقول ونؤكد أننا نفدي وطننا بالغالي والنفيس، ونحن جند مجندون وراء السدة العالية بالله، حامي حمى الملة والدين، أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.