من الواضح أن الفاتورة الطاقية التي تهم المحروقات والكهرباء ، ستستمر في إثقال كاهل ميزانية الدولة ، على المدى المتوسط ، وسيبقى ذلك مرتبطا بالتقلبات التي التي تعرفها أسعار المحروقات على الصعيد العالمي ، والتي يظهر أنها لن تتجه نحو الانخفاض ، وهذا مادفع أصحاب القرار ، حسب خبراء الطاقة ، إلى التفكير بشكل جدي في تخليص المغرب من التبعية المزمنة للخارج ، وقد توج ذلك بوضع السلطات المختصة لاستراتيجية طاقية، تراهن على تأمين التزويد، وتوفير الطاقة، وتعميم الولوج لها بأثمنة تنافسية، والتحكم في الطلب، وامتلاك التكنولوجيات المتطورة، وإنعاش الخبرة ، ومواصلة الجهود المبذولة في مجالات التنقيب وتنمية الطاقات المتجددة وتراهن السلطات المختصة على تطوير قطاع الهيدروكاربورات، من خلال تخفيض حصة المواد البترولية ضمن الاحتياجات الوطنية من الطاقة ، اعتمادا على عمليات مندمجة تتوخى الاستغناء التدريجي عن الفيول في إنتاج الكهرباء ، و تشغيل محطات جديدة ، تستعمل الفحم وإحداث حقول ريحية جديدة ، وتوسيع استعمال التوليد المزدوج والطاقات البديلة في الصناعة، إضافة إلى تحديث حظيرة العربات الأقل استهلاكا للوقود, ومن المتوقع أن تنخفض هذه الحصة من 61 في المائة حاليا، إلى 44 في المائة سنة 2020 و38 في المائة سنة 2030. ويتطلب تحقيق أهداف الاستراتيجية ، العمل على تحسين البنيات الأساسية المينائية ، خصوصا بالنسبة للموانئ البترولية للمحمدية والجرف الأصفر، والحرص على ضمان المخزون الاستراتيجي في مستواه القانوني، إلى جانب رفع القدرات التخزينية. وتركز هذه الاستراتيجية أيضا على الاهتمام بالبعد البيئي من خلال تعميم استعمال المحروقات النظيفة مثل البنزين دون رصاص والغازوال50 ، اللذين شرعا في استعمالهما منذ مدة ، وهو ما سيكون له انعكاس في تخفيض الانبعاثات الغازية ب 54 ألف طن من الكبريت و760 طنا من الرصاص سنويا . وترتكز الخطة الجديدة لقطاع الطاقة, على تطوير حصة الطاقات المتجددة التي تصل مساهمتها في الميزان الطاقي إلى 10 في المائة، وفي الميزان الكهربائي إلى حوالي 20 المائة في أفق 2020. وكانت السلطات العمومية أعلنت عن اعتماد المخطط الوطني للتدابير ذات الأولوية, لملاءمة العرض والطلب على الكهرباء خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 و2012, وإعطاء الانطلاقة للإجراءات الأولوية المتعلقة بالنجاعة الطاقية ، والاستعداد لتشغيل قدرة كهربائية إضافية تبلغ حوالي 3500 ميغاواط، وتوزيع 22 مليونا من المصابيح ذات الاستهلاك المنخفض. ويطمح المغرب إلى رفع نسبة مساهمة الطاقات المتجددة في الميزان الطاقي الوطني، من 4 في المائة حاليا، إلى 10 في المائة, في أفق 2012 .، حيث اعتمد مخطط عمل ، على المدى المتوسط, يهدف إلى توظيف الطاقات المتجددة وإدماج استعمالاتها ضمن البرامج الوطنية للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ويؤكد خبراء الطاقة أن يتوفر المغرب على مؤهلات كبيرة في مجال الطاقاات المتجددة قادرة فعلا على التخفيف من ضغط الفاتورة النفطية على المدى البعيد ، ويزكي هذه المؤهلات الموقع الجغرافي للبلاد، حيث يسود مناخ حار في معظم فترات السنة، وتوجد شواطئ تمتد على طول يفوق 3500 كيلومتر ، توفر رياحا قوية, لاسيما في الشمال والامتدادين بين طنجة القنيطرة, وبين الجديدةوالصويرة, وكذا في المنطقة الساحلية المحاذية لطانطان. وتعد محطة توليد الكهرباء بواسطة الرياح, في الصويرة, من المشاريع المهمة المدرجة في سياق تنمية الطاقات المتجددة ، تصل قدرتها إلى 60 ميغاوات, ومتوسط إنتاج سنوي إلى210 جيغاوات. وكلف مشروع إنجاز محطة توليد الطاقة بواسطة الرياح, الذي جرى تطويرها من قبل المكتب الوطني للكهرباء, الذي كان محط دراسة أنجزت حول التأثير المناخي حسب المعايير الدولية, استثمارا إجماليا يقدر ب 690 مليون درهم. ويقدر الخبراء أن اختيار الطاقة الشمسية لوحدها يعادل ربح 20 في المائة من الكلفة الطاقية، وهو ما يستدعي العمل على إيجاد الحلول للمشاكل التي تعرقل إدماج التكنولوجيات الشمسية والمصادر الأخرى للطاقات المتجددة في البناء .