جدد الخطاب الملكي لعيد العرش التأكيد على أن المغرب متشبث بمبادرة الحكم الذاتي كأساس للتسوية السياسية و الديمقراطية الكفيلة بالطي النهائي والعادل للنزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية، و توقف جلالة الملك عند الأصداء الطيبة والايجابية التي خلفها المقترح المغربي المشهود له دوليا بالجدية والمصداقية بركائزه الضامنة لحقوق الإنسان، والهادفة لتحقيق المصالحة، ولمِّ الشمل بين كافة أبناء الصحراء المغربية، و ما سيفتحه من آفاق للمستقبل المغاربي والجهوي البناء،المتطلع لرفع التحديات التنموية للمنطقة، وضمان التقدم والرفاهية لساكنتها. وأبرز جلالة الملك حرص جلالته الدائم على توطيد وحدة الهوية المغربية، بما يضمن إعادة الاعتبار لروافدها المتعددة التي تشكل مصدر غنى وقوة لوحدتنا الوطنية بما يعزز الإجماع الوطني المستمر والدائم حول صيانة الوحدة الترابية للمملكة باقتراح مبادرة الحكم الذاتي،بعمقها الديمقراطي و بما تجسده من سلوك الوضوح والمسؤولية وترجمة لمبادئ الديمقراطية والشرعية الوطنية والدولية. وبالقدر الذي حرص المغرب على أن نجعل من الفرصة التاريخية التي يتيحها التفاوض حول المقترح الوطني انتصارا للجميع وللحق و المشروعية ومحطة لتغليب روح الاخوة وحسن الجوار وبناء الوحدة المغاربية، فإنه في المقابل تظل المملكة المغربية على استعداد للتفاوض حول الحكم الذاتي فقط ولاشيء غيره، في إطار سيادة المملكة المغربية الكاملة غير القابلة للتصرف، واحترام وحدتها الترابية غير القابلة للتجزئة ، و هذا ما يعني أنه لا مجال للتنازل أو التراجع عن مغربية الصحراء و وحدة التراب الوطني ، و يضع الأطراف الأخرى أمام مسؤولياتها الدولية في إبداء رغبة صادقة للتوصل الى حل سياسي يمكن شعوب المنطقة من التفرغ لتشييد دعائم البناء المغاربي المتقدم والمزدهر. وبالارادة و العزم اللتين عبر عنهما جلالة الملك في شأن الدفع بورش الجهوية و اللاتمركز بكافة التراب الوطني سعيا الى بلورة مفهوم متقدم لهذا الخيار الاستراتيجي تتدعم به الديمقراطية المحلية ، وتتطور اللامركزية باعتبارها أداة تمكن السكان من تدبير شؤونهم المحلية والتعبير عن هويتهم الجهوية على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في إطار الوحدة الوطنية ، وجه الخطاب الملكي جهود الحكومة لجعل ألأقاليم الجنوبية نموذجا للجهوية المتقدمة بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع يضطلع في إطارها سكان الصحراء بتسيير شؤونهم المحلية عبر هيئات تنفيذية وتشريعية وقضائية في إطار السيادة المغربية. لقد تماهى الخطاب الملكي السامي بحسه الواقعي و بمضامينه القوية و رسائله الواضحة مع أجواء الإجماع والتعبئة التي يخوضها المغاربة من طنجة الى لكويرة وتجندهم الدائم وراء جلالته للدفاع عن وحدة المغرب الترابية في وجه كل الأطماع والأحقاد ومنحت الشحنة القوية التي ضمنها ملف الصحراء المغربية و آفاق تصريف و التعريف بمبادرة الحكم الذاتي الجريئة وربطها بالتوجه الديمقراطي و الحقوقي الحثيث للمملكة و جهودها الجبارة في مسيرة التنمية الشاملة. وبهذه الارادة و الواقعية والمصداقية يكون المغرب قد أثبت مجددا للعالم مصداقية ومسؤولية مواقفه و توجهاته.