عيد العرش في المغرب لا يقتصر على لحظات احتفال بمؤسسة ملكية محصنة بإجماع وطني شعبي قوي ومكثف، بقدر ما يمثل مناسبة وفرصة متجددة لتأكيد الأدوار البارزة التي تقوم بها هذه المؤسسة الوازنة في تثبيث معالم الدولة المغربية الحديثة على كافة المستويات، وحينما يقع الحرص على تجديد البيعة بهذه المناسبة الكبيرة، فإنما تكون لحظة لتجديد التعاقد بين مؤسسة ملكية تنتمي إلى الشعب، والشعب الذي يعتز بهذه المؤسسة التي حافظت له على المصير في إطار من التفاعل والتكامل والانسجام.
هذه السنة يخلد المواطنون والمواطنات الذكرى العشرين من تربع جلالة الملك محمد السادس نصره الله على عرش أسلافه المنعمين، وقبل هذه العشرين سنة خلد الشعب المغربي ذكريات هذا الحدث البارز مع جده المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، ومع والده المغفور له الملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، في مسيرة متجذرة في تاريخ المغرب اجتاز فيها المغرب بتفوق مذهل جميع المحطات الصعبة وجميع اللحظات العصيبة، وواجه فيها تحديات كبرى، وتحدى فيها مؤامرات كبيرة وصغيرة، واستمر المغرب بلدا آمنا ومستقرا يراكم المكاسب ويحقق المنجزات، من استقلال تحقق بفضل تلاحم متين بين الملك والشعب خلص البلاد من براثين استعمارات غاشمة جثمت على نفوس الشعب المغربي طوال سنين عديدة، ومن بناء متين للدولة الحديثة.
عشرون سنة أخرى من عمر ملكية راشدة قادها جلالة الملك محمد السادس نصره لله وأيده بكل حكمة وتبصر، راكم خلالها المغرب مكاسب عظمى غير مسبوقة في شتى مجالات الحياة الفردية والجماعية، تمثلت في تسريع وتيرة الإصلاح الشامل عبر أوراش التنمية المستدامة في البنيات الأساسية، من طرق وموانئ ومطارات وسدود وغيرها كثير، ومن تحسين كبير لجميع الخدمات الاجتماعية في الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والسكن وتعميم للاستفادة من الماء الشروب والكهرباء واهتمام بالعالم القروي، إلى ما غير ذلك مما تحقق في مسار يدعو إلى الثقة في المستقبل و الاطمئنان لما هو قادم بحول الله.
عشرون سنة من العطاء وبذل الجهود بوأت المغرب مكانة مرموقة بين أمم العالم في تحقيق المنجزات ، بل ومكنت بلادنا من أن تتربع على موقع الريادة في العديد من المجالات والقطاعات، وأضحت بذلك التجربة المغربية نموذجا من النماذج العالمية الناجحة صار مرجعا لتجارب قطرية ودولية أخرى، لأنها قدمت الدليل على أن الإرادة الصادقة في الإصلاح وفي تدبير شؤون الدولة الكبرى لا تحد من فعاليتها الإكراهات المادية واللوجستيكية، بل إنها الإرادة التي تصنع المستحيل.
عشرون سنة أخرى من الوحدة الوطنية التي مثلت فيها المؤسسة الملكية المتراس القوي الذي يحميها ويصونها من كافة التحديات والصعوبات كبيرها وصغيرها، ويؤهلها لكسب رهان مواجهة المؤامرات الخارجية التي استمرت في استهداف هذه الوحدة الوطنية.
عشرون سنة أخرى من النجاح المبهر والمذهل في الاستجابة المستمرة لانتظارات الشعب المغربي في إطار من التجدد والملاءمة مع هذه الانتظارات بفضل القدرة الفائقة على الإنصات والتجاوب، تطلعات تفرضها تطورات الحياة و يتم التعبير عنها في إطار أجواء الحرية والتعدد وحسن إدارة الخلافات والقيام بدور الحكم النزيه والعادل في اللحظات العصيبة.
لذلك حينما يحتفي الشعب المغربي اليوم بالذكرى العشرين لتولي جلالة الملك محمد السادس نصره الله سدة الحكم في البلاد، فإنه يحتفي بحماس بنجاح مسار في طريق لم تكن دوما سهلة ولا مريحة، يحتفي بمؤسسة ملكية حاضنة لانشغالاته واهتماماته ، مستجيبة لانتظاراته وصانعة لانتصاراته المتوالية.
عشرون سنة تكرس الثقة وتجذر الاطمئنان وتعمق الشعور بالأمل في المستقبل المنظور والبعيد، لذلك يحق لهذا الشعب أن يفتخر بهذه المؤسسة و يعتز بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره لله، الربان المتبصر، والقائد الحكيم، والرائد الشهم، والحاكم الذي يطمئن إلى عدله وإنصافه لشعبه الوفي. العلم