ككل عام في الأول من شهر ماي – أيار يتحضر الشعب الفرنسي لإحياء عيد العمال من خلال تنظيم مظاهرات في كافة أنحاء البلاد. وجرت العادة أن تدعو أبرز النقابات العمالية للمظاهرات التي تكون مناسبة للمطالبة بمزيد من الحقوق وبمثابة تحدي للحكومة ولسياساتها الاقتصادية. وتتخوف السلطات الفرنسية أن تندلع أعمال عنف خلال مظاهرة عيد العمال اليوم الأربعاء في باريس أسوة بما جرى العام الماضي. واندلعت في الأول من شهر أيار عام 2018 في باريس مواجهات عنيفة بين متظاهرين وصفتهم الحكومة ب”المتطرفين” والشرطة، حيث عمد بعض المتظاهرين على تكسير واجهات المحال التجارية وحرق السيارات ورشق الشرطة بالحجارة وبالزجاجات الفارغة. وتحسبا لوقوع أعمال شغب قررت وزارة الداخلية نشر 7400 عنصر من الشرطة وقوات الأمن في باريس كما طلبت من أصحاب المحال التجارية غلق محالهم. وقال وزير الداخلية كريستوف كاستانير يوم أمس الثلاثاء في مؤتمر صحافي: “سنتبع إجراءات أمنية مشددة واستثنائية والأول من مايو هو عيد العمل وليس عيد العنف” مضيفاً بأن “الشرطة ستقوم بتفتيش احترازي لكل من يشتبه بحيازته لأدوات تخريبية أو أسلحة من أي نوع كانت”. وحذر كاستانير من تواجد “متظاهرين متطرفين مدعومين من أشخاص من بلاد أخرى” خلال مظاهرة عيد العمال في باريس. وقال: “السلطات تترقب مجيء ما بين 1000 و 2000 متظاهر متطرف مدعومين بأشخاص آخرين من بلاد أجنبية لكي يزرعوا الفوضى”. وتتخوف السلطات أن يحدث سيناريو مشابه لذلك الذي حدث العام الماضي حيث هاجم أكثر من 1000 متظاهر من ال”بلاك بلوك” أو “التكتل الأسود” الشرطة التي عجزت عن ردعهم في بداية الأمر. وفي هذا الصدد قال كاستانير بأن متظاهري ال”بلاك بلوك” ينتمون في غالب الأحيان لحركات يسارية متطرفة تحاول “نشر الفوضى” معتبراً بأن بعض متظاهري السترات الصفراء “الذين تطرفوا على مدى الأسابيع الماضية” قد ينضمون للبلاك بلوك. ومن المتوقع أن تنطلق مظاهرة عيد العمال في باريس من حي مونبارناس لساحة بلاس ديتالي. ومنذ مساء يوم أمس الثلاثاء شوهد العديد من أصحاب المحال التجارية والمطاعم والمصارف الواقعة على الطريق الذي ستسلكه المظاهرة، شوهدوا وهم يضعون الدفاعات والألواح الخشبية لحماية ممتلكاتهم تحسبا من أعمال تخريبية. وبحسب صحيفة لوباريسيان أجبرت مديرية شرة باريس 584 محل تجاري على إغلاق أبوابهم اليوم الأربعاء تحسبا لوقوع أعمال شغب وتخريب ونهب. من جهتها أعلنت شركة وسائل النقل العام في باريس عن قرارها إغلاق حوالي 30 محطة لقطارات الأنفاق لغاية انتهاء المظاهرة بشكل تام. وتعد مظاهرة عيد العمال في باريس اليوم الأربعاء بمثابة اختبار صعب لوزير الداخلية كريستوف كاستانير الذي تعرض مؤخرا لانتقادات من قبل المعارضة التي اتهمته ب”سوء إدارة” أزمة السترات الصفراء و”الفشل” في احتواء العنف الذي شهدته مظاهرات السترات الصفراء. وتأتي مظاهرات عيد العمال اليوم في فرنسا في ظل أزمة تعيشها البلاد منذ شهر نوفمبر الماضي الذي شهد ولادة حراك السترات الصفراء المناهض للرئيس إيمانويل ماكرون.