افتتح البرلمان الموريتاني مساء الأربعاء المنصرم دورة طارئة بعد أسبوعين من انقلاب أطاح بنظام الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، حضرها غالبية أعضائه وكرست لانتخاب أعضاء المحكمة العليا والبحث في قضية فساد تتصل بزوجة الرئيس المخلوع. وحضر الجلسة 59 نائبا من أصل 95 إضافة إلى 48 عضوا في مجلس الشيوخ من أصل 56 أي ما مجموعه 107 برلمانيين من أصل 151. وغاب عن الجلسة الافتتاحية رئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير الذي رفض الاعتراف بالدورة ورئيس مجلس الشيوخ با ممادو الملقب «أمباري»، ومثل حكومة تصريف الأعمال في الجلستين عدد من الوزراء. وكان الجنرال محمد ولد عبد العزيز، قائد الانقلاب الذي أطاح في السادس من غشت الرئيس ولد الشيخ عبدالله الذي انتخب مطلع 2007، دعا إلى عقد هذه الجلسة بناء على طلب من برلمانيين مؤيدين للانقلاب. وقال العربي ولد سيدي عالي ولد جدين النائب الأول لرئيس البرلمان -وهو رئيس أركان سابق للجيش الموريتاني-، في الجلسة إن النواب الحاضرين يريدون «توجيه تحية مؤثرة للعمل الذي قامت به القوات المسلحة وقوات الأمن». ودعا الأسرة الدولية إلى «تفهم الوضع الذي تمر به موريتانيا وضرورة الإبقاء على وحدتها واستقرارها»، واتهم مجددا الرئيس المقال بأنه «شل المؤسسات الديمقراطية وساهم في الأزمة الاقتصادية» و»تحويل أموال عامة». وقال ولد جدين إن هذه الدورة الاستثنائية التي عقدت بطلب من أغلبية النواب «ثمرة لنضال طويل خاضه نواب الشعب في مواجهة تعنت السلطة التنفيذية السابقة التي كانت تقمع مساعي النواب لأداء دورهم الرقابي والتشريعي وحماية مصالح الشعب الذي انتخبهم للدفاع عنها وحمايتها». وأضاف «وأمام غطرسة مؤسسة الرئاسة واستخدامها لشتى أصناف الضغوط من ترغيب وترهيب بقي البرلمان مشلولا ومعطلا وعاجزا عن تأدية مهمته النبيلة». وعلى جدول أعمال الجلسة بندان بالغا الأهمية «انتخاب أعضاء المحكمة العليا» التي قد تحاكم الرئيس المخلوع، وتشكيل لجنة تحقيق حول «إدارة» المؤسسة الخيرية التي كانت تترأسها زوجته. في غضون ذلك نظم آلاف الموريتانيين الأربعاء المنصرم مظاهرة مناهضة للانقلاب بعد حصولهم على تصريح من السلطات العسكرية نفسها. وجاءت المظاهرة بناء على دعوة الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية المؤلفة من أربعة أحزاب. وانطلق المتظاهرون في ظل مواكبة أمنية مشددة من الجادة الرئيسة في نواكشوط من أمام المستشفى المركزي باتجاه ساحة عامة قرب الجمعية الوطنية. وفي كلمة ألقاها أمام المتظاهرين، دعا رئيس اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود الانقلابيين إلى «إعادة السلطة للنظام المنتخب ديمقراطيا وإعادة الرئيس المنتخب فورا إلى سلطاته». وأضاف أن «العسكريين فرضوا على الشعب الموريتاني نظاما غير دستوري وصادروا الحريات والديمقراطية». وفي وقت سابق دان مجلس الأمن الدولي الانقلاب العسكري الذي وقع في موريتانيا ودعا إلى الإفراج عن الرئيس المخلوع على الفور وإعادة العمل بالمؤسسات الدستورية. كما أدانت الولاياتالمتحدة الانقلاب وعلقت ما قيمته 25 مليون دولار من المعونات وهددت بالمزيد من التخفيضات في المساعدات، كما يهدد الاتحاد الأوروبي بوقف مساعداته الخاصة بالتنمية.