شكل موضوع “الحقوق البيئية والاجتماعية والاقتصادية للنساء والشباب”، محور الندوة الوطنية التي نظمها منتدى الأخلاقيات والقيم، يوم السبت الماضي برحاب المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وطرحت الندوة أرقاما وإحصائيات صادمة بخصوص مشاركة النساء والشباب المغربي في الحياة العامة، مقارنة بدول أخرى متقدمة أو سائرة في طريق النمو. واستهلت الندوة بكلمة ترحيبية للسيدة خديجة بركات، رئيسة الاتحاد الدولي للمرأة الإفريقية بالرباط، التي قامت بتسيير الجلسة مذكرة بأن موضوع الندوة مطبوع بالراهنية والأهمية ويهم حقوق الإنسان، سيما النساء والشباب، مشيرة إلى أن تنظيمه تزامن بظرفية زمكانية، فمن حيث زمانه يصادف الاحتفال باليوم العالمي للمرأة قبل أيام، “فالمرأة صديقة شهر مارس”، وترغب في المزيد من الجدية في القضايا بعيدا عن الطابع الاحتفائي، ناهيك أن شهر مارس يحمل احتفالين آخرين 21 مارس اليوم العالمي للشعر، ونهايته يوم 27 اليوم العالمي للمسرح وبالتالي شهر مارس هو شهر الإبداع والمعرفة، أما المكان فبنزوله ضيفا مبجلا على المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي يرأسه الأمين العام الدكتور أحمد بوكوس في هذه المؤسسة الوطنية، التي تعمل بعزم وإصرار على الإدماج الكامل للأمازيغية في المنظومة الوطنية. أعقبتها، الكلمة الافتتاحية للرئيس العام لمنتدى الأخلاقيات والقيم، الذي بعد ترحيبه بالحاضرين، طرح مجموعة من التساؤلات من بينها، أين وصل الاجتهاد والاشتغال في المجال الحقوقي؟ حيث أكد على أنه قطع أشواطا كثيرة بدء بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يليه العفو عن مجموعة من المعتقلين إضافة إلى مدونة الأسرة واجتهادات أخرى … من جهة أخرى، عبرت لطيفة الغراس عضو مجلس حكيمات الرابطة لكاتبات المغرب، وشاعرة ومفتشة سابقة بالتعليم الثانوي، عن سعادتها لكونها ستتحدث باسم النساء “أمام الرجال”، المسألة التي اعتبرتها الغراس عادية في هذا العصر، مقارنة مع الماضي، مستحضرة المحطات النضالية والتاريخية، للمسألة النسائية، وما خاضته من معارك ونضالات مريرة عبر التاريخ، كما أضافت أن المناضلات خضن معركة مصيرية لتصل المرأة إلى بعض ما وصلت إليه الآن، واعتبرت أن ما يقمن به الآن هو “شبه معجزة” بالنسبة لما عاشته المرأة على الصعيد العالمي وليس فقط في الدول العربية أو في الدول شبه النامية. في هذا الإطار، قام الأستاذ الباحث عيساوي يحيى بقراءة نقدية بحثية لبعض الإحصائيات الرسمية التي تصدرها وزارة الاقتصاد والمالية و بعض المكاتب الدولية المعروفة. انطلاقا من هذه الإحصائيات، اعتبر المتحدث نفسه أنها تتسم ببعض السمات، السمة الأولى هي أن النظام الجبائي بالمغرب جد متمركز على فئة معينة ، فهناك فئة قليلة ممن تؤدي الضرائب، والسمة الثانية تفشي ظاهرة التهرب الضريبي، والسمة الثالثة أن النظام الضريبي المغربي “جنة بالنسبة للبعض وجهنم بالنسبة للبعض الآخر”، علاوة على مسألة الغش والتهرب الضريبي. من جهته، قام السيد ممثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتقديم أهم توصيات المجلس بخصوص المساواة والمناصفة في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أوصى بتبني مقاربة أفقية في مجموع السياسات القطاعية، خصوصا في مجال التربية والصحة والشغل ومناهضة أشكال العنف والصور النمطية عبر حملات تحسيسية للجمهور. أما بخصوص مشاركة الشباب في الحياة العامة، أفاد المحلل السياسي محمد بودن أن هذه المسألة تحتاج في الحقيقة إلى شجاعة الطموح وقوة الالتزام, لأنه في بعض الأحيان نقول: “إن المجتمع المغربي هو مجتمع شاب ولكن على المستوى العملي والإبداعي ثمة صعوبات جمة تعترض مشاركة الشباب، بل الأكثر من ذلك هناك صراع كبير بين الأجيال، الشيء الذي يمنع الشباب من تسلم المشعل” ، ففي اعتقاده تتطلب هذه الصعوبات تغيير في العقليات، باعتبار أن الشباب هم الوقود الأساسي لسرعة البلد، مشيرا أن التقرير الصادرعن المجلس الاقتصادي والبيئي يقول إن معدل الأمراض النفسية لدى الشباب مرتفع، ثم معدل انخراط الشباب في الأحزاب هو1 بالمائة و4 بالمائة في الحياة النقابية و15 بالمائة في الحياة الجمعوية، وبالتالي فهي أرقام لا تعبر عن مشاركة حقيقية للشباب. واختتمت الندوة بتفاعل الحضور مع المؤطرين عبر مداخلاتهم التي أغنت النقاش ووسعت جوانب الحوار.