تلقّى الرأي العام المغربي بارتياح كبير القرار الملكي التأديبي الأخير في حق مجموعة من المسؤولين الترابيين بمختلف درجاتهم، والذي شمل والٍ وستة عمال وباشوات وخلفاء وقياداً، قرر الملك إعفاءهم من مهامهم وإحالتهم على المجالس التأديبية بسبب إخلالهم بواجباتهم خلال ممارسة لمهامهم الوظيفية. وكان بلاغ للديوان الملكي صدر الاثنين المنصرم، أعلن أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قدم للملك محمد السادس، نتائج تحريات قامت بها وزارته معتمدة على الأبحاث والتقارير الميدانية المتعلقة بالتتبع المستمر لعمل رجال السلطة. هذه التحريات رصدت حالات تقصير في القيام بالمسؤولية لدى عدد من رجال السلطة، المنتمين لمختلف درجات هذه الهيئة. ويتعلق الأمر ب: والٍ واحد، و06 عمال، و06 كتاب عامين؛ و28 باشا ورئيس دائرة ورئيس منطقة حضرية؛ و122 قائدا؛ و17 خليفة قائد. أضاف البلاغ أنه «تفعيلا للمبدأ الدستوري لربط المسؤولية بالمحاسبة في حق كل من ثبت في حقهم تقصير في القيام بواجباتهم ومسؤولياتهم المهنية، رفع وزير الداخلية للنظر الملكي السديد مقترحات إجراءات تأديبية في حق المسؤولين المعنيين، وذلك على الشكل التالي: أولا، بالنسبة لوالي وستة عمال: التوقيف عن ممارسة مهامهم، وإحالتهم على المجالس التأديبية المختصة؛ ثانيا، بالنسبة للمسؤولين المنتمين لباقي درجات رجال السلطة: توقيف 86 رجل سلطة عن ممارسة مهامهم، في أفق عرضهم على أنظار المجالس التأديبية المختصة، قصد توقيع الجزاءات المناسبة؛ ثالثا، توجيه توبيخ ل 87 رجل سلطة. وتابع بلاغ الديوان الملكي بأن جلالة الملك أصدر تعليماته السامية، قصد اتخاذ التدابير القانونية اللازمة في هذا الشأن. وجاءت هذه المستجدات خلال استقبال الملك بالبيضاء لكل من رئيس الحكومة، ووزير الداخلية، والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، متابعة للتعليمات التي سبق أن أصدرها خلال الاستقبال الملكي الذي خصهم في أكتوبر المنقضي، والمتعلقة بتقييم عمل المجالس الجهوية للاستثمار من طرف المجلس الأعلى للحسابات، وبقيام وزارة الداخلية بالتحريات اللازمة على الصعيد الوطني، بشأن المسؤولين التابعين لها، بمختلف درجاتهم. كما رفع إدريس جطو إلى الملك تقريرا يتضمن خلاصات التحريات التي قام بها المجلس الأعلى للحسابات، بخصوص تقييم عمل المجالس الجهوية للاستثمار. طبيعة التقصير في القيام بالمسؤولية الذي جعل هؤلاء المسؤولين في خبر كان، تجمله مصادر “العلم” بمختلف الأقاليم المعنية، في تعطيل مشاريع تنموية منذ سنوات، وتورط مسؤولين ترابيين في أعمال مشبوهة، واحتجاجات المواطنين المتواصلة التي عجلت بالقرار الملكي الذي وضع حدا لمسلسل التجاوزات وفق نفس المصادر. فعلى مستوى إقليمتازة، تؤكد المصادر أن من الأسباب الرئيسية للقرار هنا وجود مشاكل مطروحة منذ سنوات على مستوى عدة جماعات مثل جماعة الزراردة التي شهدت اعتصامات واحتجاجات بسبب النقص الكبير في المياه وتعثر إنجاز الطريق الطرق والمسالك لفك عزلتها. وجماعة مكناسة الشرقية حيث قدم مجموعة من الأعضاء يشتبه بعلاقتهم بعامل الإقليم استقالاتهم، وما أعقبها من احتجاجات. وبدوره إقليموزان، عرف عدة مسيرات واحتجاجات على نقص المياه، وسط اتهامات لعامل الإقليم المعفي بالتواطؤ مع مسؤولين للسماح لمقاولات بحفر آبار بدون تراخيص استنزفت مياه الإقليم، وتأخر أشغال الطريق الدائري لوزان الذي كان يفترض أن يمتد على مسافة 15 كلم، وتعطل مشاريع تنموية ضمن مبادرة التنمية البشرية بالإقليم منذ سنة 2013، إلى جانب شائعات بتوظيف العامل المذكور لعدد من رجال السلطة في العمالة في حالة تنافٍ مع وضعهم القانوني. نفس المشاكل تقريبا تشير لها مصادرنا في إقليمسيدي بنور، حيث تعثرت مشاريع تنموية لتأهيل المدينة كان من المفترض أن يتم إنجازها منذ سنة 2014 مثل المسبح البلدي والقاعة المغطاة وغيرها، فالإقليم الذي يعد قطبا فلاحيا بامتياز يساهم في الاقتصاد الوطني بإنتاج الشمندر واللحوم الحمراء والألبان.. لم يستفد من مشاريع تنموية منذ أصبح عمالة سنة 2011. إلى جانب احتجاجات الساكنة في حي القرية الصفيحي على عدم اتمام اتفاقية ترحيلهم لتجزئة سكنية لم تتم أشغال بنائها. وتروج بالإقليم شائعات لم يتسنَّ ل”العلم” التأكد منها حول مشاريع كبيرة منسوبة لعامل الإقليم بأسماء أشخاص آخرين، تملكها في ظرف وجيز بعد تعيينه. بينما كانت فاجعة الصويرة وتحديدا دوار سيدي بولعلام الشهيرة، التي راحت ضحيتَها 15 سيدة في تدافع من أجل إعانات على رأس أسباب إعفاء والي جهة مراكشآسفي، وعامل الصويرة، وتعثر مشروع «مراكش الحاضرة المتجددة»، وتفويت أراض لشركات التعمير، إلى جانب أسباب غير مباشرة لخصتها مصادرنا، في تعثر المشاريع ووجود اختلالات ومشاكل على مستوى المجالس الإقليمية والبلدية. أما عاملا كل من إقليمي زاكورة وورزازات، فقد أطاحت بهما ثورة العطش التي حركت الإقليمين، واعتقل بسببها محتجون، وأججت الرأي العام على مدى شهور، ولم يكن اعتذار العثماني كافيا لإطفاء غضب ساكنتها المتضررة. وكان وزير الداخلية، استدعى في السابق والي جهة مراكشآسفي، عبد الفتاح لبجيوي، وعمدة مراكش محمد العربي بلقايد، ونائبه الأول يونس بنسليمان، بالإضافة رؤساء المصالح الخارجية، لمقر الوزارة بالرباط لحضور اجتماع طارئ لمناقشة وتقييم سير إنجاز برنامج «مراكش الحاضرة المتجددة»، الذي يعرف تعثرات في التنفيذ، خصوصا المتعلقة بالمدينة العتيقة.