أصوات متعددة تسبر أغوار أديب بين جيلين.. محمد برادة.. احتفاء جماعي بأعمال رائد تنكر له كثيرون.. ! * العلم: عبد الناصر الكواي التفاتة ذات مغزى، تلك التي جمعت لفيفا من المثقفين والباحثين في لحظة عرفان لأديب تنكر له كثيرون إعمالا لنظرية “قتل الأب”، وفق تعبير الباحث سعيد يقطين، إنه محمد برادة، الذي تم تكريمه من لدن طائفة من طلبته القدامى ورفاق دربه، من خلال عمل جماعي أشرف عليه الباحث والناقد، محمد الداهي، اختير له كعنوان: “البحث عن الذات بين جيلين”. وبالفعل حجّ جمع من القراء والباحثين لقاعة المكتبة الوطنية بالرباط مساء الثلاثاء المنقضي، لحضور ندوة فكرية رصينة سيّرها الناقد السيميائي، سعيد بنكراد، تناولت مسار برادة ذي الثماني والسبعين خريفا ب”أصوات متعددة”، هي أصوات كل من الباحثين محمد الداهي، سعيد يقطين، إبراهيم الخطيب، نجيب العوفي، زهور كرام، حسن المودن، عبد الرحيم جبران، وشرف الدين ماجدولين، الذين احتفوا بكبيرهم الذي علمهم طرائق الكتابة وصنائع النقد بأسوب فريد.. في هذا الصدد، قال المحتفى به، محمد برادة، بعد التعبير عن عظيم امتنانه لهذه المبادرة، إن العمل الذي تم تقديمه هو كتاب تكريمي جمع مقالات نقدية وأبحاثا إلى جانب حوارات صحافية تخصه. وأعرب مؤلف رواية “موت مختلف” الحائزة على جائزة كاترا 2018، في تصريح مشترك ل”العلم”، عن أمله في أن تتم الاستفادة من هذا المؤلَّف الجماعي المتميز وأن يساعد القراء على فهم ما كتبه من روايات وأعمال نقدية، لاسيما وأن هذا الإنجاز بحسب المتحدث، يدخل في باب التعريف وإثارة الانتباه، خاصة لدى الأجيال الجديدة بالنظر لتوقفه عن التدريس بالجامعة منذ سنوات. وأكد برادة، على تغيّيه في أن يظل حبل التواصل مسترسَلا بينه وبين الشباب من خلال هذه الإضاءة. واعتبر الأديب المخضرم، الذي عايش فترتي الاستعمار والاستقلال، وكان من رواد الجامعة المغربية ومؤسسي اتحاد كتاب المغرب، أن قراءة عمل مثل هذا تحتمل عدة تأويلات تتغير باستحضار السياق، وكشف صاحب “لعبة النسيان”، عن رغبته في أن ينير “البحث عن الذات بين جيلين”، جوانبَ من حياته وأعماله لم تكن معروفة من قبل لدى جمهور والنقاد القراء. بدوره، أشار محمد الداهي، إلى أن هذا الكتاب هو الخامس ضمن مشروع كان قد بدأه منذ سنوات للتعريف بالكُتاب والباحثين المغاربة، الذين تركوا بصمات واضحة في الثقافتين المغربية والعربية على وجه العموم. وأضاف الداهي في تصريح مشترك ل”العلم”، أن أسماء أدبية وفكرية وازنة، قد حظيت بمثل هذا العمل على غرار محمد مفتاح ومحمد بنطلحة، ومحمد عابد الجابري وعبد الله العروي.. ثم جاء دور محمد برادة.. وفي شرحه لثنايا عنوان: “الذات بين جيلين”، قال الحاصل على جائزة المغرب للكتاب سنة 2006، إنه يقصد الجيل الذي عاش مخاض الاستعمار والاستقلال، وكانت عليه مسؤولية كبيرة في بناء المغرب وتشييد الجامعة وإعداد برامج التعليم وغيرها لوضع بلادنا على السكة. ثم الجيل الذي أتى بعده وهو جيل الداهي، الذي تتلمذ على يد الرعيل الأول وهو الآن يتحمل مسؤوليات مختلفة سواء في الجامعات أم في الثانويات أم في الوظائف العمومية.. ليختم الناقد نفسه، بكون هذا العمل هو عبارة عن حوار بين جيلين من أجل البحث عن السبل القمينة بتطوير الثقافة المغربية، وحتى يبقى المغرب الثقافي مشعا ودائم الاستمرارية والعطاء. وهو نفس المنحى الذي ذهبت فيه مختلف الكلمات التي قيلت في حق المكرَّم خلال المداخلات، التي حاولت تسليط الضوء على جوانب من مسار برادة الغني والمتفرد.