لم ينجح البلاغ الذي أصدرته الجهة الرسمية الوصية على التعليم بإقليم الخميسات في إقناع الذين عبروا عن قلقهم مما تضمنته محافظ مليون محفظة من تعبير حاط من كرامة الطفل. فالقلق لم يكن فقط بسبب إشكالية التمييز بين التلاميذ، بل مرد الغضب والقلق يعود أساسا إلى التعابير التي خطت على ظهر المحافظ والتي تفيد أن هذه المحافظ لم يحصل عليها التلميذ من مال والديه ولا من مال أولياء أموره، بل إنها منة من جهة رسمية خيرية، وسيظل الطفل طول السنة يحمل هذه الجملة المهينة لكرامته أمام أنداده من التلاميذ الذين لم يتوقف أولياء أمورهم على منة أية جهة رسمية أو غير رسمية ليوفروا لأبنائهم محافظ تليق بسمعتهم وبأسمائهم. المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تقوم بأعمال جليلة وعظيمة لم تكن في حاجة إلى عبارة دعائية محمولة فوق أكتاف تلاميذ أبرياء، فإنجازات هذه المبادرة هي التي تعرف بها وتقنع المغاربة بجدواها وفعالياتها، وليس تحويل ظهر طفل إلى حاضنة إشهارية. لعل الذي اقترف هذه البدعة لم يستحضر تأثيراتها النفسية الخطيرة على الطفل / التلميذ الذي سيكون معرضا في كل لحظة وحين إلى الإهانة من طرف أنداده في الحي وزملائه في المدرسة لأن ولي أمره لم يتمكن من أن يوفر له محفظة دون تسول، وبالتالي من الطبيعي أن يتسبب ذلك في عداوة بين التلميذ الحاضن للعبارة الاشهارية والمحفظة التي كانت سببا في حمل هذه العبارة. في السابق كانت المحفظة خالية من مثل هذه التعابير الإشهارية والتمييزية، فكنا لا نميز بين المحفظة التي اقتناها ولي الأمر وأخرى حصل عليها التلميذ من برنامج «مليون محفظة» المهم، كان هذا المعطى يحقق المساواة ويلغي التمييز، التحقيري، أما اليوم فإننا نميز من بعيد بين طفل وفر له ولي أمره المحفظة وآخر حمل عليها بما يصبح تسولا. إن الهدف الحقيقي من مبادرة «مليون محفظة» كان ولازال يتمثل في تقديم الدعم للتلاميذ المحتاجين، وهو دعم يقدم من المال العام، ولم يكن الهدف منه الدعاية والإشهار للجهة التي تشرف على إنجازه، وبالتالي فإن استغلال هذه المبادرة المهمة للدعاية والإشهار كانت عملية مسيئة ورديئة. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: [email protected]