يشهد المغرب في الثاني عشر من شهر يونيو 2009 الانتخابات الجماعية الثانية من نوعها والرابعة بعد الاستحقاقين التشريعيين لشتنبر 2002 وشتنبر 2007، التي تجري في عهد جلالة الملك محمد السادس، وهي الانتخابات التي تأتي بعد القيام بالعديد من الإصلاحات الجوهرية التي همت مدونة الانتخابات و قانون الميثاق الجماعي ، واعتماد العديد من التدابير والإجراءات الهادفة إلى تعزيز حضور المرأة في مجال التدبير المحلي. ولا شك أن هذه الانتخابات تستتبعها العديد من التحديات والرهانات التي تفرض على الأحزاب المغربية تقديم إجابات ملموسة من خلال مرشحين مؤهلين وأكفاء، و برامج واقعية قادرة على الإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وترسيخ دعائم الديمقراطية المحلية.. ويدخل حزب الاستقلال هذه الاستحقاقات مسلحا ببرنامج انتخابي متكامل يهتم بجميع الأبعاد التي تمكن الجماعات المحلية من تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستديمة ، وتلبية حاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين عبر مختلف ربوع المملكة .. ويشكل البعد الاقتصادي والتنموي أحد الركائز الأساس للبرنامج الانتخابي لحزب الاستقلال الذي يعتمد على تشخيص موضوعي لواقع الجماعات المحلية بالمغرب، وعلى مخطط استراتيجي مدقق من حيث التدابير والأهداف وآجال الإنجاز، وهو يرتبط أشد الارتباط با لبرنامج الوطني للانتخابات التشريعية لشتنبر 2007 ،الذي ارتكز على دينامية جديدة تستهدف جيل جديد من الأوراش الكبرى في مختلف القطاعات الاجتماعية والإنتاجية والبنيات التحتية الأساس ، وهو برنامج يأخذ بعين الاعتبار ضرورة الانخراط في المخططات الجهوية للقطاعات التنموية المرتبطة بمخطط المغرب الأخضر و الاقتصاد الاجتماعي والسياحة و الصناعة التقليدية والإقلاع الصناعي وبرنامج رواج وغيرها ، حيث يتقاطع المحلي مع الجهوي والوطني ، ذلك أن الحديث عن التنمية الاقتصادية على الصعيد الوطني لا يستقيم إلا إذا كانت الجماعات المحلية منخرطة في هذه الدينامية ومستفيدة من نتائجها .. وعلى هذا الأساس ظل حزب الاستقلال يؤكد أن نجاح هذا التوجه يمر بالضرورة عبر توسيع صلاحيات المنتخبين في اتخاذ القرار الترابي والتنموي في إطار مدونة للحكامة الجيدة المحلية، مع ما يستلزم ذلك من تقوية قدرات الجماعات في تدبير الميزانية وتطوير الموارد المالية، وتقوية آليات التضامن، وتسريع مسلسل اللامركزية واللاتمركز ، واضطلاع المجالس المنتخبة بصلاحياتها واختصاصاتها في أفق الانتقال الى نظام الجهوية الموسعة، الذي يؤدي بالضرورة إلى تقوية صلاحيات الجهة و مراجعة التقسيم الاداري والجهوي على أسس موضوعية لتحقيق التوازن والتنافس المجالي المطلوب، وتوضيح وتدقيق الصلاحيات المخولة للمجالس المنتخبة، وتطوير نظام الحكامة المحلية . ولا يغفل هذا البرنامج الجوانب المتعلقة بالتمويل من أجل تحقيق الأهداف المسطرة ، حيث يؤكد على ضرورة الرفع من الإمكانيات التمويلية للجماعات المحلية و تأهيل القدرات التدبيرية للمرافق الجماعية ، عبر تحديد مجموعة من التدابير ، من أبرزها رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة الموجهة الى الجماعات المحلية من 30 الى 35 في المائة، وإعطاء الأولوية للاستثمار في إعداد الميزانية، من خلال رفع ميزانية الاستثمار من 12 في المائة إلى حدود 25 في المائة ، وتطوير الشراكة والتعاقد مع الحكومة والسلطات الترابية والقطاع الخاص والفعاليات المحلية من أجل إحداث أقطاب اقتصادية تنموية محلية على الصعيدين الحضري والقروي ،إضافة إلى ترشيد نفقات التسيير.. ويحرص الحزب في برنامجه الانتخابي على تحقيق التوازن المطلوب داخل كل الجماعة بين الموارد البشرية والمالية وحاجيات التنمية المحلية ، مع تقوية آليات التضامن والتنافس بين الجماعات، وفي هذا الصدد، يؤكد برنامج الحزب على تفعيل صندوق التضامن الجماعي بهدف تقليص التفاوت بين الجماعات الغنية والفقيرة، وتوزيع اعتمادات الضريبة على القيمة المضافة وفق معايير منصفة تراعي الخصاص الذي تعاني منه الجماعات الفقيرة والمناطق النائية. إن هذا البرنامج في عمقه ، يهدف أولا وأخيرا، إلى توسيع وتحسين مستوى الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين والمواطنات في البوادي والحواضر في إطار شمولي يهم تطوير البنيات التحتية للنقل والتعليم والصحة ، والتعميم التدريجي لخدمات الكهرباء والماء والتطهير ، ودعم الولوج إلى السكن ، ومعالجة النفايات المنزلية والصناعية و حماية البيئة ومحاربة التلوث، ويرتكزأيضا على تفعيل الجماعة المحلية المقاولة لتوفير الشروط الضرورية لاستقطاب الاستثمارات وجلب رؤوس الأموال وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي بهدف توفير فرص الشغل وتحسين ظروف عيش السكان وتحقيق التقدم والرفاه للمجتمع .