سارعت أصوات متعددة من داخل مربع السلطة النافذ بالجزائر الى التصريف الاعلامي لمواقفها من قرار مجلس الأمن الأخير من ملف الصحراء المغربية في اتجاه ممارسة المزيد من الضغوط ومقايضة الحكومة الفرنسية بعد موقفها المعبر عنه بمجلس الأمن قبل أيام. فعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الجزائرية أصدرت بلاغا يعبر عن دعمها وارتياحها للقرار الأممي الجديد فإن المتتبعين يجمعون على " شعور الغصة والمرارة " الذي يعبر عن واقع حال الحكومة الجزائرية في أعقاب فشل مساعيها الحثيثة بأروقة الأممالمتحدة لفرض ديباجة قرار يتعارض مع مصالح المغرب، ويحد من وتيرة المكاسب الديبلوماسية التي دأب مقترحه المتعلق بالحكم الذاتي في الأقاليم الصحراوية يراكمها. وكان وزير الخارجية الجزائري أول من بادر إلى لي ذراع الحكومة الفرنسية في أعقاب تدخل ممثلها الدائم في مجلس الأمن، حيث خفض من وتيرة تحمس الجزائر لمشروع الاتحاد من أجل المتوسط التي يقودها ساركوزي متذرعا بأحداث غزة، في حين سارع وزير المجاهدين بالحكومة الجزائرية في نفس التوقيت الى مطالبة فرنسا بتقديم إعتذار رسمي عن ماضيها الاستعماري بالجزائر ورهن علاقات بلده بباريس باعتراف فرنسي بمسؤوليتها القانونية من الحقبة الاستعمارية بالجزائر. ويجمع ملاحظون أن الحكومة الجزائرية كانت تتوقع أن يكون لزيارة بوتفليقة المرتقبة لباريس في يونيو المقبل أثر فعال وسريع لتحويل الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية في إتجاه مقايضة مشاريع استثمار ضخمة تسعى المقاولات الفرنسية الى الفوز بها بالتراب الجزائري في مقابل تحول جذري للسياسة الفرنسية من ملف الخلاف الذي يجمع المغرب بالبوليساريو والتي تمارس المرادية ضغوطا مستمرة في اتجاه خدمة أغراض توسعية ذاتية. على أن موقف ممثل فرنسا الدائم بمداولات مجلس الأمن ووقوفه ضد أي تعويم للملف وتحويل مساره الى هوامش ملغمة تخدم في المقام الأول المصالح الاستراتيجية الجزائرية دون أن تسهم في التقدم بالملف إيجابيا، وما وازاه من دعم أمريكي شكلت مستجدات لخبطت الحسابات الجزائرية ودفعتها الى ردود فعل "استعراضية" ومواقف عبارة عن رسائل ضغط و ابتزاز مشفرة في إتجاه كل من باريس التي تتهمها الجزائر بالتموقع المستمر ضمن الطرح المغربي ثم البيت الأبيض الذي عبرت خارجيته بوضوح عن جوهر الاشكال المرتبط بأجندة وتداعيات العلاقة بين المغرب و الجزائر التي ترهن مستقبل ومصير المنطقة ككل، وهو ما يعتبر كفيلا لوحده ليطلق مدلسي النار في اتجاه الولاياتالمتحدة من منطلق ما وصفه برغبتها في التدخل في قضايا داخلية ترتبط أساسا بملف الارهاب ومخاطره الجاثمة غير بعيد عن الحدود الجنوبية للجزائر وغيرها من دول الطوق الافريقي.