سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
اعتماد مخططات فلاحية جهوية بمثابة قطب الرحى للتفعيل الترابي للاستراتيجية الوطنية الواعدة للفلاحة نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها مستشار جلالة الملك السيد محمد معتصم
وجه جلالة الملك محمد السادس رسالة إلى المشاركين في المناظرة الوطنية الثانية للفلاحة التي انطلقت أشغالها أمس الثلاثاء بمكناس. وفي ما يلي نص الرسالة الملكية السامية التي تلاها مستشار جلالة الملك السيد محمد معتصم: «الحمد لله, والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه. حضرات السيدات والسادة، يطيب لنا أن نتوجه بهذه الرسالة إلى المشاركين في المناظرة الثانية للفلاحة، تجسيداً لحرصنا الموصول على النهوض بالقطاع الفلاحي، الذي نعتبره دعامة أساسية، لما نتوخاه لبلدنا من تنمية شاملة ومستدامة. ومن ثم، كان حرصنا على تأهيله وتحديثه، من خلال إطلاق «مخطط المغرب الأخضر»، القائم على استراتيجية مضبوطة ومندمجة، ككل الإصلاحات الهيكلية الكبرى، اللازمة لتقدم بلادنا، سبيلنا في ذلك انتهاج الحكامة الجيدة, بما تقتضيه من متابعة منتظمة، وتقويم مستمر؛ ما فتئنا نؤكد على ترسيخهما في جميع السياسات العمومية. ومن هذا المنطلق، أبينا إلا أن نجعل من هذا الملتقى محطة سنوية، للوقوف الميداني على المكتسبات، والتشخيص الموضوعي للمعيقات، والتحفيز على مضاعفة الجهود، لتحقيق المزيد من المنجزات، بما يمكننا من تعبئة كل الطاقات، لتحقيق الأهداف المتوخاة. إن الظرفية المتميزة، التي تنعقد فيها هذه المناظرة، تُعد مبعث ارتياح واعتزاز، فأما الارتياح فلما عرفته هذه السنة, ولله الحمد, من غيث عميم ورزق كريم, جادت بهما علينا السماء. مما جعل اسم «المغرب الأخضر» مطابقا لمسماه, مبشرا بمحصول زراعي قياسي، سيساهم، إن شاء الله، في الرفع من الناتج الداخلي الخام، ومن تعزيز قدرات بلادنا على تجاوز الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية. وأما الاعتزاز، فيتعلق بما تم تحقيقه في السنة الأولى المباركة، لإطلاق «مخطط المغرب الأخضر»من منجزات أساسية، على عدة مستويات. فعلى المستوى المؤسساتي، تمت إعادة هيكلة المصالح المركزية لوزارة الفلاحة، وإحداث وكالة التنمية الفلاحية، والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وإعادة هيكلة الغرف الفلاحية, وتعزيز الهيآت البين-مهنية، وتقوية الإمكانات المالية للقطاع. ويُعد اعتماد مخططات فلاحية جهوية، بمثابة قطب الرحى، للتفعيل الترابي للاستراتيجية الوطنية الواعدة للفلاحة؛ وذلك من خلال برامج استثمارية، تعاقدية،مع السلطات والمجالس والهيئات المعنية. وبموازاة ذلك، فقد تم إطلاق أقطاب فلاحية، من شأنها الزيادة في نسبة تثمين المنتوجات الزراعية، وكذا التركيز على التكوين، بغية توفير الموارد البشرية المؤهلة، فضلا عن إيلاء البرامج السقوية مكانة الصدارة في الاستراتيجية الوطنية للماء، باعتباره عاملا حيويا بالنسبة للفلاحة . حضرات السيدات والسادة، إن ما تم تحقيقه من منجزات هامة، يضع على كاهل الجميع ضرورة التقدم بخطوات أسرع، وبفعالية أقوى. فالأمر يتعلق بورش حيوي كبير، وبتعبيد الطريق لمسار شاق، يقتضي النفس الطويل، والتشاور الموسع، والشراكة المثمرة. ولهذه الغاية، نحث السلطات العمومية المختصة على مضاعفة الجهود لتسريع شراكات مرجعية مبنية على أساس مشاريع وعمليات التجميع، بالنظر لأهميتها بالنسبة للفلاحة التضامنية, وللفلاحين الصغار الذين هم محط تقديرنا وعنايتنا، والذين يعدون في قلب هذا المخطط الواعد. وفي هذا الصدد، ننوه بالتزام المهنيين وفيدرالياتهم، بعقود برامج لسلاسل الإنتاج في تفعيل المخطط الأخضر. كما نثمن انخراط عدة مؤسسات بنكية وطنية, في تمويل مشاريع هذا المخطط، وننوه بالمساهمة الفاعلة للشركاء, من مستثمرين وممولين, وطنيين ودوليين. فالتحدي الأكبر يكمن في إيجاد التمويل والبحث عن مصادره. فإمكانيات الدولة، مهما كان حجمها، لن تعطي الثمار المرجوة, إلا بانخراط القطاع الخاص، باستثماراته التضامنية والمنتجة. وفي نفس السياق، نود الإشادة بالجهود المتواصلة، التي ما فتئت تبذلها كافة المؤسسات والسلطات والفعاليات, من حكومة وبرلمان وغرف فلاحية ومهنيين وإدارة ترابية؛ منوهين، بصفة خاصة، بالالتزام القوي لقطاع الفلاحة: وزيرا وأطرا, وبالتعبئة البناءة التي ما فتئ الفلاح المغربي يعبر عنها، بكل تفان وإخلاص. ويظل التزامنا الدؤوب السهر على إنجاح مخطط المغرب الأخضر، إعطاء مؤشر قوي لقطيعة هيكلية, لتأهيل فلاحتنا لكسب رهان التحديث والإنتاجية، والاندماج والتنافسية. فالمزيد من الاستثمارات يعني إنتاجية أكبر وتثمينا أعلى وارتباطا أقل بالتقلبات المناخية, ومناصب شغل قارة, ودخلا مرتفعا لفلاحينا، وأمنا غذائيا أفضل لكافة المغاربة. والله تعالى نسأل أن يوفقكم ويسدد خطاكم، على جعل مشاريع المغرب الفلاحية، قطوفا دانية. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.»