إعداد: حكيمة خالص قبل تناول موضوع «دور التنظيمات المهنية في تنمية القطاع الفلاحي، اسمحوا لي أن نقف قليلا عند مصطلح «التنظيمات المهنية». تعرف عادة التنظيمات المهنية بثلاث مكونات: 1 التعاونيات الفلاحية واتحاداتها التي يحكمها القانون 8324 المحدد للنظام العام للتعاونيات. 2 الجمعيات المهنية التي يخضع تسييرها لثلاثة قوانين: ظهير 16 يوليوز 1957 غير أن أغلب الفلاحين لا يفضلونه نظراً للطابع النقابي لهذا الإطار. ظهير 15 نونبر 1958 الذي يتم بموجبه حق تأسيس، الجمعيات وأغلب الفلاحين يؤسسون الجمعيات المهنية في هذا الإطار. ظهير 21 ديسمبر 1990 المتعلق بتنفيذ القانون 842 المتعلق بجمعيات مستخدمي المياه المخصصة للأغراض الزراعية. 3 الغرف الفلاحية التي تخضع لظهير 1962 ويعرفها البعض بجميع التنظيمات التي تخدم الفلاحين والتي تتقاسم عددا من المبادئ المشتركة. وتبعا لهذا التعريف، تشمل التنظيمات المهنية 5 مكونات أساسية. التعاونيات الغرف المهنية الجمعيات المهنية التي تخدم الفلاحين بشكل مباشر. الجمعيات التنموية التي تخدم أساسا محيط الفلاحين عبر توفير البنيات التحتية. التعاضديات التي تقي الفلاحين من مخاطر المرض والعجز والشيخوخة، الجفاف... وتتقاسم هذه المكونات عددا من المبادئ المشتركة منها إعطاء الأولوية للإنسان على حساب رأس المال، التضامن، الديمقراطية، المشاركة، المسؤولية. ومادام الأمر كذلك، يمكن تعريف التنظيمات المهنية الفلاحية، بمكونات القطاع الاجتماعي الفلاحي. بعد هذا المدخل، أبدأ مداخلتي بملاحظة ستساعد على حصر جوانب الموضوع الذي سأتناوله نظرا لشساعته ويتعلق الأمر بعنوان المداخلة دور التنظيمات المهنية في تنمية القطاع الفلاحي. لا أعتقد بأنه من المفيد أن أطيل عليكم، من خلال سرد الاعتبارات التي تبرر الدور الذي يمكن أن تلعبه التنظيمات المهنية في تنمية القطاع الفلاحي فالكل واع، بأن لا تنمية للقطاع الفلاحي في غياب أي انخراط للفلاحين في تنظيمات مهنية فعالة، فالفلاح الصغير بإكراهات الماء وتفتت الملكية، والأخطر من ذلك المنافسة الشرسة التي سيتعرض لها بعد حذف الحواجز الجمركية من لدن الوحدات الاقتصادية الكبيرة، هذا الفلاح لا يمكن لوحده أن يصحو ويضمن شغله في ظل هذه التحولات ومجمل القول أن لا مستقبل للقطاع الفلاحي في عولمة الاقتصادية بدون تنظيمات مهنية فعالة، وهنا يكمن مربط الفرس. مما لاشك في ان التنظيمات المهنية تلعب دوراً إيجابيا في خدمة الفلاحين غير أن أغلبها مازال هشا ودون المستوى المطلوب مما يفسر عدم إقبال الفلاحين على الانخراط الإيجابي في هذه التنظيمات بكثرة. السؤال المطروح: أو بالأحرى الرهان المطروح هو كيف يمكن الانتقال من مرحلة أغلب التنظيمات المهنية هشة وغير فعالة، إلى مرحلة إرساء تنظيمات مهنية مندمجة في الأسواق العالمية، وتخدم فعلا الفلاح المغربي والفلاحة المغربية. وغير خاف أن الإجابة على هذا السؤال العريض يحتاج إلى لقاءات عديدة مع كافة الفاعلين في الميدان من أجل بلورة استراتيجية واضحة تستهدف بلوغ هذا المسعى. لذا سأقتصر في هذه المداخلة على إثارة الانتباه إلى جانب واحد من عناصر هذه الاستراتيجية ويتعلق الأمر بمسألة التكامل، والتعاون والتنسيق بين مكونات التنظيمات المهنية. أعتقد بأنه وأيا كانت المجهودات المبذولة لتنمية التنظيمات المهنية لا يمكن لهذه المجهودات أن تعطي أكلها إلا إذ شارك فيها المهنيين أنفسهم. والتكامل والمشاركة لهذه التنظيمات لتنمية قطاع التنظيمات المهنية والدولة من مسؤوليتها في الوقت الحاضر أن تخلق فضاءات التعاون المهنية أو ما يسميه البعض الاقتصاد الاجتماعي. وإذا استندنا إلى الواقع لا يمكن أن نتحدث عن قطاع التنظيمات المهنية كقطاع مادامت التعاونيات تعمل بمعزل عن الغرف المهنية والجمعيات المهنية، والأخطر من ذلك نجد منافسة بين الإطار القانوني للتعاونيات والإطار القانوني للجمعيات. فالعديد من الراغبين في إحداث تعاونيات يتفادون ذلك، ويحدثون جمعيات لمرونة مساطرها وعدم إلزامية مسك محاسبة، باستثناء تلك التي تحصل على إعانة من جهة مانحة تفوق 10.00 درهما. في اعتقادي بأن أصل هذا المشكل المنافسة بين الإطار القانوني للتعاونية والإطار القانوني للجمعية، مرده التشريع التعاوني فقط لاشك فيه أن ثمة حاجة ملحة لتعديل التشريعات الحالية لتتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة. إن أصل المشكل يكمن في نظري في محدودية التعميم، وعدم تفعيل آليات المراقبة بالنسبة للجمعيات. فالمشرع المغربي قد حرص على ضمان تكامل أدوار التنظيمات المهنية، لأن هذا التكامل هو الذي يخدم فعليا القطاع الفلاحي والفلاحين. فقد أوكل للتعاونية: مزاولة أنشطة مدرة للدخل لفائدة الفلاحين من تموين الفلاحين بمستلزمات الإنتاج، وتحويل منتجاتهم، وتسويقها. أما الجمعية، خلافا لما هو الحال في التعاونية، فقد منعها المشرع من مزاولة الأنشطة الإنتاجية التي تقوم بها التعاونيات لتتولى أغراضا غير نفعية وذات منفعة عامة مما يفسر منع الأعضاء من تشكيل رأس المال، وتوزيع الفوائض المحققة بين الأعضاء. ومادام الأمر، كذلك المفروض أن تتولى الجمعية مهام التكوين والدراسات والتجميع، والبحث عن الأسواق للتعاونيات والاهتمام بتحويل المنتجات في مسلكيات الحبوب والحليب... ويبقى تكامل مهام مكونات التنظيمات المهنية هي الكفيلة بتفعيل دور التنظيمات المهنية لتنمية القطاع الفلاحي. وفي هذا الإطار أثمن بعض اقتراحات جيرار ديهابير (Gérard déhayes) وردت في الدراسة التي أنجزها لفائدة وزارة الفلاحة حول مشروع تنمية القطاع الخاص الفلاحي الصناعي الشق المتعلق بالتنظيمات المهنية. فقد اقترح هذا الخبير في هذه الدراسة، تنمية التنظيمات المهنية في إطار من التكامل عبر القيام بمايلي: تعديل القانون 24-83 المحدود للنظام الأساسي للتعاونيات تضطلع في إطاره التعاونية بدور إيجابي في الرفع من قيمة منتجات الفلاحين في اقتصاد السوق. إعداد مشروع خاص بالجمعيات المهنية يكون مكملا لمهام التعاونية واقتراح أن تكون. الجمعيات مهنية (Association professionnelle d’intérêt) لتمثيل المصالح وتتولى أساسا تمثيل أعضائها الفلاحين، والدفاع عن مصالحهم العامة، وإخبارهم بمتطلبات الأسواق، وتكوينهم من الناحية التقنية. الجمعيت المهنية للتنمية (Association professionnel de développement) وتتولى أساسا إنجاز عمليات مفيدة للمهنية، كالأبحاث، والتعميم، والاستشارة.... جمعيات تنسيق المهنية (Association- professionnelles) والتي تدعم الحوار واتخاذ القرارات في كل المسائل ذات الاهتمام المشترك بين ممثلي الجمعيات المهنية لنفس المسلكية الاقتصادية. وبخصوص المكون الثالث للتنظيمات أي الغرف الفلاحية فقد اقترح تعديل ظهير 1962 لتتولى المهام التالية. الحوار مع الحكومة حول ما يهم الاقتصاد الفلاحي. توجيه قرارات الفلاحين نحو الأسواق والطلب النهائي للمستهلكين. تعميم التقنيات الفلاحية والاقتصادية والتجارية لفائدة الفلاحين وتكوينهم. إدماج مختلف الأنشطة الفلاحية للجهة والرفع من فعاليتها. المساعدة على تنسيق أنشطة الجمعيات والتعاونيات.