فتحت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، أول أمس الخميس 19 يناير الجاري بالرباط، باب النقاش على مصراعيه حول قرار وزارة الداخلي القاضي بمنع إنتاج وتسويق « البرقع » ، إلى درجة أن هناك من خرج من هذا اللقاء مؤمنا بمقاضاة محمد حصاد وزير الداخلية على خلفية ذاك القرار. ففي الوقت الذي ثمنت فيه جهات هذا القرار، خاصة الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف، هناك من رأى فيه قرارا متعسفا يطال حرية الأفراد وقرارا جائرا ومعيبا وقابلا للطعن أمام المحاكم. وقال محمد زهاري الأمين العام للتحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات فرع المغرب، إن القرار لا يستند على نص قانوني، مسجلا غياب أي نص تشريعي أو تنظيمي أو قرار وزاري يمنع بيع أو تسويق أو خياطة النقاب في المغرب، مما يجعل هذا القرار معيب ومشوب بتجاوز واضح في استعمال السلطة، ويتناقض مع أسس دولة الحق والقانون؛ وأوضح الزهاري، الذي شارك بمداخلة في لقاء يوم الخميس الماضي بالرباط، أن القرار يعتبر تدخلا سافرا في الحياة الخاصة للمرأة، ويتناقض مع المعايير الفضلى المتعلقة باحترام الحياة الخاصة للأفراد ذكورا وإناثا، مما يجعل هذا القرار يتناقض مع روح حقوق الإنسان. وأضاف أن كونية حقوق الإنسان تعني أن تتخذ الدولة القرارات والمبادرات التي تعزز حريات الأفراد بغض النظر عن جنسهم أو لونهم أو دينهم أو معتقداتهم أو طريقة تعبيرهم أو شكل لباسهم. كما أن الربط الآلي والميكانيكي بين النقاب والإرهاب خاطئ، فهناك نساء كثر في البوادي المغربية، وفي مناطق جبلية يرتدين النقاب بسبب تقاليد موروثة، وليس استجابة لجهات فكرية سلفية وهابية، تجعل من الدين مطية لتحقيق أهداف معينة بنهج أساليب متطرفة وتخريبية. كما أن منع بيعه أو صنعه أو تسويقه لن يجدي نفعا، فالأمر يتعلق بلباس يسهل صنعه في المنازل من طرف النساء بآلات للخياطة متوفرة في كل الأمكنة، وقد تلجأ النساء إلى الخياطة اليدوية في إطار تحد القرار. لكن يبقى دائما الأمر يتطلب امتلاك الدولة للجرأة لسن قانون واضح يتعلق بمنع بيع أو ارتداء النقاب، وعندها أكيد سيكون هناك نقاش عمومي سيسائل الدولة حول مدى احترامها لحقوق الإنسان والتزاماتها الدولية تجاه آليات المعاهدات الأممية والمساطر الخاصة وعند مناقشتها لتقارير الاستعراض الدوري الشامل. ومثل هذ القرارات قابلة للطعن أمام القضاء الإداري، ويمكن طبعا للمتضررين اللجوء إلى القضاء، للطعن فيها وطلب إلغائها. وأكد الأمين العام للتحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات فرع المغرب، أنه في المغرب ليس عندنا البرقع ولكن هناك النقاب، فالبرقع لباس أفغاني، وهو نوع من التضليل حاولت السلطات ممارسته لكسب ود الرأي العام على أساس أن لهذا اللباس علاقة بأفغانستان ، يعني بالقاعدة . أما النقاب فكان موجودا ، حسب الزهاري، في أماكن متعددة ، إلا أنه لا يشكل حالة تثير الانتباه، وأعطى مثالا بالثانويات والجامعات والإدارات والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، فناذرا ما نجد نساء يرتدين النقاب ، لكن الدولة أرادت أن تثير الانتباه إلى شيء أصلا لا يؤثر في المجتمع . وبالرجوع إلى موقف المنظمات الحقوقية العالمية، أشار الزهاري إلى منظمة العفو الدولية المشهود لها بالنزاهة والمصداقية الحقوقية، وأن مكتبها الإقليمي للشرق الأوسم وشمال إفريقيا أصدر وثيقة رقم: POL 30/005/2010 تحت عنوان : » منع النقاب انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان » من أهم ماورد فيها : » ومنظمة العفو الدولية تعتقد أن فرض مثل هذا الحظر العام على ارتداء النقاب يشكل انتهاكاً لحق النساء في حرية التعبير وحرية الدين إذا اخترن ارتداءه تعبيراً عن هويتهن أو معتقداتهن الدينية أو الثقافية أو السياسية؛ ومن ثم، فإن المنظمة تحث الدول على عدم إقرار مثل هذه القوانين، وتحضها على اتخاذ طائفة من الإجراءات التي تكفل للنساء جميعاً حرية ممارسة حقوقهن دون إكراه أو مضايقة أو تمييز. وذكر أن القانون الدولي يلزم كل دولة باحترام حقوق الإنسان لكل فرد دونما تمييز على أساس العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الآراء السياسية أو غير السياسية، أو الأصل القومي أو الاجتماعي، أو الملكية، أو المنشأ، أو أي وضع آخر؛ كما أنه يلزمها بحماية الأفراد من أي انتهاك لحقوقهم من جانب أي طرف ثالث، بما في ذلك أي أفراد أو أطراف غير حكومية في محيط أسرهم أو مجتمعاتهم المحلية؛ وبضمان قدرة كل فرد على التمتع بحقوقه في الواقع الفعلي. ويكفل القانون الدولي لحقوق الإنسان حق كل فرد في حرية التعبير، وحرية إظهار دينه ومعتقداته كيفما يشاء؛ وهذه الحريات تمتد إلى مظهر المرء وما يختاره لنفسه من الثياب؛ وعليه فلا يجوز للدول فرض شروط وقيود واجبة التطبيق على الجميع مما يلزم النساء بارتداء أو عدم ارتداء ثيابهن على نحو أو آخر، كما يجب عليها حماية المرأة من أي شروط أو قيود يفرضها عليها أي طرف آخر. ومن الخطأ إرغام النساء على ارتداء الحجاب أو النقاب، سواء من جانب الدولة أم من جانب أطراف غير الدولة؛ كما أنه من الخطأ منع النساء من ارتدائه بقوة القانون » واختتمت الوثيقة في فقرتها الأخيرة ب » من حق كل فرد التعبير عن معتقداته وقناعاته الشخصية أو هويته باختيار اللباس الذي يرغب في ارتدائه، والحكومات ملزمة باحترام تلك الحقوق، وحمايتها، وضمانها، عن طريق تهيئة المناخ الملائم الذي يتيسر فيه لكل امرأة ممارسة هذا الخيار بمنأى عن أي إكراه أو تهديد أو مضايقة، وبدون أي قيود غير ضرورية أو غير ملائمة لتحقيق غرض مشروع بحكم القانون الدولي لحقوق الإنسان، وبلا آثار سلبية على ممارستها لسائر حقوق الإنسان »
وفي المقابل ثمنت الجبهة الوطنية لمناهضة التطرف والإرهاب قرار وزارة الداخلية معتبرة أن حرية التجارة والمبادرة الحرة كأصل لا يجب ان تلغي التقييدات القانونية المتعلقة بحماية النظام العام وسلامة المجتمع وأمن المواطنين، وأن البرقع لباس أفغاني دخيل لا يمت بصلة للخصوصية المغربية ويكتسي تطرفا واضحا في المظهر واللباس حتى بالنسبة لشرعنا الحنيف -لقول الله تعالى « ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها ». وأكدت الجبهة ذاتها أن هذا اللباس المحظور انتاجه وتسويقه لا يجعلنا نميز بين النساء والرجال لإخفائه جميع ملامح الوجه وقد يستغل لارتكاب جرائم عادية او ارهابية للتخفي عن انظار الكاميرات في الشوارع او المحلات، واعتبرت نشر ثقافة التخفي عملا موجها ومنظما من جهات منظمة متطرفة تخطط لتعميق التطرف ودعم الارهاب تحت يافطة الحرية الشخصية والدينية لتقويض عمل المؤسسات الساهرة على حماية النظام العام والامن العام .