استنكرت العديد من الهيئات الحقوقية قرار السلطات المحلية بالعديد من المدن المغربية منع بيع البرقع، معتبرة هذه الخطوة «تضييقا على الحريات»، حيث أصدر مرصد الشمال لحقوق الإنسان بلاغا أكد فيه أن قرار السلطات المحلية التابعة لوزارة الداخلية «تعسفي»، ويعد «انتهاكا غير مباشر لحق النساء في حرية التعبير وارتداء اللباس الذي يعد تعبيرا عن هويتهن أو معتقداتهن الثقافية أو السياسية أو الاجتماعية». كما أشار إلى أن القرار يتناقض مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب. وأشار المرصد إلى أن قرار منع اللباس المذكور من طرف مصالح وزارة الداخلية يأتي في إطار «عمل ممنهج يهدف إلى تنميط المجتمع المغربي وفق نمط معين لا يوجد إلا في مخيلة الذين يقفون وراء قرار منع نوع معين من اللباس، عبر ضرب التنوع الثقافي والاجتماعي الممتد في التاريخ، كما يأتي في ظل سياسة متواصلة للتضييق على الحريات وفرض الرأي الواحد». وعبر المرصد الحقوقي عن «شجبه الشديد» لقرار مصالح وزارة الداخلية بمنع تسويق نوع معين من اللباس (البرقع)، مضيفا أن ذلك يتنافى مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. وأكد على عدم قانونية منع البرقع، موضحا أن قرار المنع المذكور لم يستند على نص قانوني، وأن هذا الأمر مخول للسلطات التشريعية وليس للسلطات التنفيذية، مطالبا بضرورة الوقف الفوري لقرار منع تسويق لباس البرقع والاتجار فيه. وكانت وزارة الداخلية، وبشكل مفاجئ، قد أعلنت حربا على بيع البرقع في عدد من المدن بعد أن استنفرت لجنا مكونة من ممثلين عن السلطة المحلية والأمن الوطني تكلفت بالقيام بجولات في الأسواق، وتنبيه التجار لضرورة سحب البرقع من لائحة المنتجات المعروضة للبيع في أجل لا يتجاوز 48 ساعة تحت طائلة الحجز. ورغم عدم صدور بلاغ أو قرار رسمي، فإن عشرات التجار ومحلات الخياطة بعدة مدن، من بينها الشاون والدار البيضاء ومكناس وسلا وطنجة، توصلوا بتعليمات شفوية بضرورة التوقف الفوري عن صنع وبيع البرقع مع إتلاف الكميات الموجودة، فيما تحدث آخرون عن توقيع التزام بالامتناع الكلي عن بيع وصنع البرقع بناء على مذكرة صادرة عن السلطة متعلقة بمنع إنتاج وتسويق هذا اللباس الوافدوربطت مصادر مطلعة هذا القرار الذي أثار ردود فعل متباينة بدواع أمنية محضة، خاصة بعد أن رصدت تقارير صادرة عن السلطات المحلية عودة انتشار البرقع بشكل كبير في عدد من الأحياء الشعبية. وقالت المصادر ذاتها إن صدور القرار فرضه التوجس الأمني من إمكانية استغلال هذا اللباس في تنفيذ أعمال إجرامية أو إرهابية وإمكانية الاستعانة به من طرف عناصر إرهابية أو مبحوث عنها من أجل الإفلات من ملاحقة المصالح الأمنية والتنقل دون الخضوع للمراقبة بحكم أن البرقع يعيق تحدد هوية الشخص الذي يرتديه. وأضافت المصادر ذاتها أن اللجوء إلى منع تسويق وبيع البرقع في المحلات التجارية يبقى قرارا غير واضح بالنظر إلى عدم وجود نص قانوني يمنع ارتداء البرقع، وهو ما يفسح المجال للاستمرار في تداوله، في انتظار أن تتضح نوايا وزارة الداخلية بشأن هذا اللباس الذي طفا اسمه على السطح بشكل عالمي سنة 2010 مباشرة بعد صدور قرار عن السلطات الفرنسية يحظر على النساء ارتداء البرقع، مع سن قانون يجعل ارتداء النقاب والبرقع والأقنعة التي تخفي هوية الشخص عملا غير قانوني يستوجب المتابعة.