من هؤلاء المرضى جنسيا الذين يحكمون العالم…؟ فرنسيات وازنات في المشهد السياسي تتمردن على الفحولة الزائدة لبعض رجال السياسة ♦ بقلم // أحمد الميداوي – باريس كم من قناع سيسقط وكم من فضيحة أخلاقية ستطفو على السطح إذا ما قررت النساء ضحايا العنف الجنسي والتحرشات الجسدية بفرنسا، التحرر من عقدة اللسان التي أصابتهن لفترة طويلة، والقيام بالكشف عن هوية المعتدين من ساسة وصناع القرار وشخصيات اقتصادية وازنة..؟ وهل تكون الاعترافات الأخيرة لبعض النساء الوازنات في المشهد السياسي الفرنسي كونهن تعرضن لتحرشات ومضايقات جنسية مختلفة فاتحة عهد جديد يدشن لتمرد شامل على مؤامرة الصمت التي فرضها رجال السياسة من أصحاب اليمين واليسار على السواء، على الضحايا من الموظفات والزميلات في الحزب وحتى صاحبات المناصب العليا والبرلمانيات..؟ هذه الأسئلة وغيرها تحيلنا إلى المظاهرة الأخيرة التي نظمتها جمعية "عاهرات لكن غير خاضعات"، وجابت بمشاركة ذكورية مكثفة، أهم شوارع باريس تحت مظلات حمراء ولافتات هي الأخرى حمراء تقول :"حذار من مضايقتنا" و"نحن فاتنات ومتمردات".. المظاهرة وجهت تحذيرا إلى صناع القرار بفرنسا من مغبة تشديد الخناق على تجارة الهوى بعد أنباء تداولتها الصحف بشأن قرب صدور مرسوم لوزير الداخلية، يقضي بإغلاق بيوت الدعارة وتضييق الخناق على دعارة الرصيف. وفيما هددت المظاهرة من مخاطر التشويش أو الاقتراب من مربع الجنس المحفوف بالكثير من المباغثات والفضائح، ارتأت السلطات التعامل مع الظاهرة بنوع من الحذر والاحتراس وسط الجدل القائم بين من يرى في الدعارة نوعا من الاستعباد الذي يتعين ردعه وتحريمه، ومن يعتبرها نشاطا مهنيا يتطلب نصوصا ترسم شروط وآليات ممارسته. ويقرأ الفرنسيون في تهميش الرئيس ساركوزي وحكومته لموضوع الدعارة والجنس، طريقة لتجنب التصادم مع مافيا الجنس بشبكاتها النافذة في الأوساط السياسية… شبكات ذات تمويل ضخم تتحرك بحرية وفي الخفاء عبر أجهزتها المختصة في بيع الأجساد لمن هم بحاجة إلى بعض لحظات الاسترخاء والاستمتاع من شخصيات سياسية واقتصادية وازنة. فمدير صندوق النقد الدولي ليس وحده من ارتمى في أحضان عاملة تنظيف، يستغيثها أو يرغمها على تلبية نزوة فموية ملحة، فهناك مدراء عامّون ووزراء ورؤساء بالعشرات يخشون من أن تقوم هذه الشبكات بإسقاط الأقنعة وتعرية الأشياء وفضحها. وعلى خلفية بعض الفضائح الجنسية لرجال السياسة التي تطفو على السطح بين الفينة والأخرى، مثل فضيحة المدير السابق لصندوق النقد الدولي، ستروس كان، الذي قدم استقالته بعد فضيحة جنسية مدوية، ومن بعده وزير الوظيفة العمومية السابق، جورج ترون، الذي قدم هو الآخر استقالته إثر فضيحة أخلاقية تثير الكثير من التقزز والحسرة، تتساءل الصحف الفرنسية بسخرية لا تخلو من مسحة واقعية قوية، عن الشخصية الوازنة القادمة التي ستحل ضيفة على العدالة بتهمة التحرش أو حتى العنف الجنسي. ولم تخف شانطال برونيل، برلمانية عن حزب "الجمهوريون"، تعرضها لتحرشات متفاوتة الشكل والمضمون، شأنها في ذلك شأن النائبة شانطال جوانو عن نفس الحزب، التي لا يمكنها القدوم بالتنورة (الجوبا) إلى البرلمان دون أن تتعرض لبعض المغازلات المحرجة وحتى الفاحشة أحيانا، وأيضا النائبة عن الحزب الاشتراكي، ساندرين مازتيي، التي يؤلمها أن تسود في البرلمان تلك الفحولة الزائدة أو ما أسمتها بعملية تطفيل النساء. ونبهت إلى أن فرنسا شهدت 11 ألف اعتداء جنسي سنة 2014 لم يتم التبليغ سوى عن 10 % منها. غير أن علماء الاجتماع والإعلاميين وحتى السياسيين هم اليوم أكثر قناعة من أن فضائح بعض الساسة ورجال الاقتصاد وغيرهم، ستحل عقدة اللسان التي هي في طريق الزوال. وتجرنا فضائح فرنسا الجنسية إلى استعراض أسماء بعض الساسة الوازنين على المستوى العالمي ممن تورطوا في فضائح أخلاقية مستغلين نفوذهم ومراكزهم لاسترقاق النساء والرجال على حد سواء والاستهتار بالكرامة البشرية بشكل عام. وفي مقدمة هؤلاء رئيس الحكومة الإيطالية السابق، سيلفيو بيرلسكوني الذي هو في قلب العديد من الفضائح الجنسية، من بينها التحرش الذي أعقبته علاقة جنسية مفضوحة مع المراهقة روبي التي لم تبلغ بعد سن الرشد. والرئيس الإسرائيلي الأسبق موشي كاتزاي الذي أرغم على الاستقالة بعد فضيحة جنسية. وقد ثبت عليه قضائيا أن قام باغتصاب موظفتين بوزارة السياحة في التسعينات حينما كان يشغل منصب وزير السياحة. كما حكم عليه في مارس 2011 لمدة سبع سنوات نافذة بتهمة الاغتصاب والتحرش الجنسي بموظفة سابقة بالإقامة الرئاسية. وأيضا رئيس جنوب إفريقيا، جاكوب زوما المتهم باغتصاب سيدة، ونائب رئيس الحكومة الماليزي الذي حكم عليه ب20 سنة نافذة بتهمة الاعتداء من الدبر على مستشاره. والرئيس السابق لزامبابوي، كانان بانانا، الذي حكم عليه بسنة نافذة بتهمة الاعتداء جنسيا على بعض مساعديه من الذكور حينما كان رئيسا للبلاد، ثم المدير العام السابق للبنك العالمي، بول وولفويتز الذي ضبط في فضيحة جنسية مع إحدى موظفات البنك التي كان يغدق عليها مكافئات مالية عن المردودية وحتى الزيادة في الراتب الشهري، والرئيس الأمريكي الأسبق، بيل كلينتون، وكانت تربطه علاقة جنسية بمتدربة في البيت الأبيض، مونيكا ليفنسكي، كما اتهمته متعاونة سابقة تدعى بولا جونس بالتحرش الجنسي حينما كان عاملا على ولاية ألاسكا في بداية التسعينات. ثم المرشح لرئاسة الولاياتالمتحدة سنة 2008، جون إدواردز الذي انتصب في قمة الهرم السياسي بأمريكا قبل أن يأفل نجمه بعد تورطه في خيانة زوجية مع إحدى موثقات فريق حملته الانتخابية، وغير ذلك من الفضائح المكشوفة، أما المسكوت عنها فتعد بالمئات…