تحل اليوم الذكرى الواحدة والأربعون للمسيرة الخضراء، التي انطلقت في اليوم السادس من شهر نوفمبر سنة 1975، بقرار تاريخي شجاع من قائد المسيرة ومبدع فكرتها جلالة الملك الحسن الثاني، وبالتحام وطني قوي، وبحشد شعبي عارم، وبالتفاف منقطع النظير حول الهدف الاستراتيجي الذي حدد لها، وهو تحرير الصحراء المغربية من الاحتلال الإسباني الذي دام قرابة ثمانية عقود، باختراق الحدود الوهمية التي أقامها المستعمر للفصل بين الوطن الواحد، والشعب الواحد في مرحلة المدّ الاستعماري على افريقيا التي بدأت من أواخر القرن التاسع عشر. لقد فجرت المسيرة الخضراء، التي كانت قراراً عبقرياً من جلالة الملك، الطاقات الوطنية الكامنة في نفوس المواطنين والمواطنات، الذين لبوا النداء الذي وجهه ملك البلاد إلى الشعب من أجل المشاركة في المسيرة الخضراء في اتجاه صحرائنا التي كانت محتلة عهدئذ. فكانت الانطلاقة العملاقة لجموع الشعب نحو تحرير التراب الوطني، وإفساد المؤامرة التي كانت تدبر في مدريد أولاً ثم في الجزائر وبعد ذلك في طرابلس، ضد الوحدة الترابية المغربية، تحقيقاً لأهداف استعمارية خبيثة كانت تستهدف المملكة المغربية في الصميم. ففي مثل هذا اليوم قبل إحدى وأربعين سنة، وقف شعبنا وقفة بطولة وصمود وثبات، مع جلالة الملك، فصنع ملحمة تاريخية عظمى، كان لها آثارها القوية في إنهاء مرحلة صعبة كان على المغرب أن يناضل من أجل التغلب على تحدياتها. فكانت المسيرة الخضراء نموذجاً راقياً من النضال الوطني الذي حرّرت به بلادنا الساقية الحمراء ووادي الذهب من الاحتلال الاستعماري الإسباني. وهو النضال الذي لا يزال مستمراً، سلمياً ودبلوماسياً وإنمائياً، من أجل حماية الوحدة الترابية، والحفاظ على المكتسبات في صحرائنا المحررة، والدفع بعجلة التنمية الشاملة المستدامة إلى الأمام، بقيادة جلالة الملك قائد مسيرات المغرب الجديد على جميع الأصعدة. ولم تتوقف المسيرة الخضراء بتحقيقها للهدف الاستراتيجي واسترجاع الصحراء المغربية، فهذه المسيرة المظفرة لا تزال تزحف على مستويات عدة، وبأشكال متنوعة، في الاتجاه السليم الذي تحدده المصالح الوطنية العليا. وبذلك تكون المسيرة الخضراء التي نحتفل بذكراها اليوم، مسيرات وطنية زاحفة لا تتوقف، وليست حدثاً تاريخياً مضى وانقضى.