منذ عبر المغرب عن رغبته في الحضور المؤسساتي الرسمي داخل المنظمة الإقليمية، والإسهام في خدمة شعوب قارته.. التعاون جنوب-جنوب.. تعميق العمل المشترك.. أحس دعاة أطروحة الانفصال ومن تبعهم بسوء، باقتراب ميقات نهاية أسطورتهم.. ليرد أصدقاء المغرب وعقلاء إفريقيا بملتمس طرد الكيان الوهمي من أروقة الاتحاد الإفريقي. وروج العادون نقاش العضوية الرسمية، وتقديم الطلب، والميثاق الجديد، ومسطرة الانضمام، فكان الرد المغربي هو احترام ما تعاقدت عليه شعوب إفريقيا، وتقديم إخطار رسمي للانضمام في أواخر شهر سبتمبر، بناءً على الفقرة الأولى من المادة 29 من القانون التأسيسي للمنظمة، التي تنص على ما يلي:" يجوز لأي دولة إفريقية بعد دخول هذا القانون حيز التنفيذ، وفي أي وقت، أن تخطر رئيس المفوضية بنيتها في الانضمام إلى هذا القانون وقبول عضويتها في الاتحاد". إلا أن السيدة الفاضلة دالاميني زوما، أخلفت الموعد مع تدارك هفواتها وكبواتها تجاه المغرب، لتقوم بزيارة الرأس الصوري لجبهة البوليساريو، في مقر إقامته، بعد قرابة شهر من تقديم الطلب.. قيل إنها أكدت من خلال الزيارة على مكانة "الجمهورية الصحراوية" داخل الاتحاد.. مقابل ذلك عطلت مضمون الفقرة الثانية من المادة 29، التي تنص على إرسال رئيس المفوضية إخطار الدولة طالبة العضوية إلى جميع الدول الأعضاء، وانتظار اكتمال العدد القانوني لقبول الانضمام، وهو الأغلبية البسيطة، لتصبح الدولة عضوا في المنظمة الإفريقية. وتتضمن المادة 29 عبارة هامة تحدد الآجال القانونية لتعميم هذا الإخطار، وهي "يقوم رئيس المفوضية، عند استلام هذا الإخطار، بإرسال نسخة منه…" و"عند" وفق علماء اللغة هي ظرف لزمان الحضور.. يمكن استبدالها بعبارة "فور استلام هذا الإخطار".. فرئيس المفوضية ملزم بتسريع نشر الإخطار ، وفق الإمكانات اللوجستيكية المتاحة، والتي لن تتعدى سويعات قليلة، نظرا للتقدم العالمي المرعب لوسائل التواصل. وإذا ما افترضنا جدلا أن النص مبهم ولا يحدد آجالا واضحة، فتفسيره يحيلنا إلى مختلف المواد التي تنيط برئيس المفوضية مسؤولية إبلاغ الدول الأعضاء بمختلف الإجراءات الأخرى، فنجد المادة 32 التي تحدد أجل 30 يوما لإحالة التعديلات إلى الدول الأعضاء، وتتحدث نفس المادة في فقرتها الرابعة عن تحديد أجل 30 يوما لدخول التعديلات حيز التنفيذ، ثم المادة 28 التي تشترط أجل 30 يوما بعد مصادقة الدول الأعضاء، ليدخل القانون التأسيسي حيز التنفيذ. وبناء عليه فثلاثون يوما هو أقصى أجل لإبلاغ الدول الأعضاء بإخطار الانضمام، وها نحن على مشارف الأربعين دون أي جديد يذكر. اعتقلت رئيسة المفوضية-احتياطيا- إخطار المغرب بالانضمام للمنظمة، خشية توصل السيدة الرئيسة بردود الأغلبية "البسيطة" بعد أقل من أسبوع، والتي ستقبل انضمام المغرب، إن لم تتوصل معها بملتمسات طرد الكيان الوهمي الذي تدافع عنه، وتتمسك بوجوده، حسب ما عبرت عنه في افتتاح القمة السابعة والعشرين للاتحاد في يوليوز الماضي، بقولها:" الشعب الصحراوي جزء منا وسنبقى نسانده إلى غاية تمكنه من تجسيد حقه المشروع في تقرير المصير". أولم تعلم السيدة الفاضلة أن الشعب -الصحراوي- جزء منا نحن، ومكون أساسي من مكونات الهوية المغربية التي يحددها تصدير دستورنا.. أولم تعلم أن الوحدة الوطنية والهوية المغربية والحضارة والتاريخ والجغرافية والمواطنة تجمعنا.. أولم تعلم أن وجود الكيان الوهمي الذي تتمسك به مخالف للقانون التأسيسي للمنظمة الإفريقية، من خلال المادة 30 المانعة للحكومات التي تصل إلى السلطة بطريقة غير دستورية بالمشاركة في أنشطة الاتحاد.. وبالأحرى قبول ميليشيات لا سيادة لها ولا أرض ولا دستور ولا شرعية.. لا رحمة لها حتى بسكان مخيمات العار التي تجوع أطفالهم وتستبيح نساءهم.. بل لا قرار لهم في ما عراهم.. وهو المفتاح القانوني لطرد الكيان الوهمي من المنظمة الإفريقية. ردا على تماطل السيدة الرئيسة، ووفق بلاغ للديوان الملكي،طلب جلالة الملك من الرئيس التشادي، بصفته رئيس الدورة ال27 لقمة الاتحاد الإفريقي، خلال مكالمة هاتفية، التدخل لدى السيدة الرئيسة، من أجل توزيع طلب انضمام المملكة المغربية، على كافة الدول الأعضاء في منظمة الاتحاد الإفريقي، والذي تسلمته يوم 22 شتنبر الماضي، مضيفا أنه" يتعين على السيدة زوما، تطبيقا للميثاق المؤسس، ووفقا لمقتضيات عمل المنظمة، المبادرة بالتوزيع الفوري لهذا الطلب". لقد ضاق الصدر من سلوكات معالي الرئيسة، التي تعرقل، قدر المستطاع، نموذجا تنمويا جادا.. بوابة إفريقيا نحو القارة العجوز.. المنافح عن قضايا القارة السمراء،المدير لأزماتها، المرشح الأبرز لريادتها.. من العمل المؤسساتي داخل فضائه الطبيعي، في منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي) حاليا. وبخصوص طرد الكيان الوهمي، فبعد تعليق مشاركته وإعمال المادة 30 من القانون التأسيسي، يمكن اللجوء إلى المادة 32 منه المتعلقة بتعديل ومراجعة مواده، بأغلبية الثلثين، وإضافة فقرة متعلقة بإجراءات الطرد، في المادة 31 التي تتعلق بإنهاء العضوية، حتى يتسنى لأعضاء المنظمة التخلص من الورطة التي أحضرها "آدم كودجو". إلى السيدة المحترمة " دالاميني زوما" إن مبادئ الحياد والنزاهة والحكمة في إدارة القضايا، ضرورة يفرضها حسن إدارة منظمة إقليمية بحجم الاتحاد الإفريقي.. في قارة تشكل مستقبل العالم.. يتهافت عليها ربابنة السياسة والاقتصاد الدوليين. وإن عرقلة جهود القوى الإفريقية الجادة، الساعية إلى النهوض بشعوب قارتنا، وتعطيل التعاون الجاد والمثمر، من خلال تقصيركم في التعامل مع إخطار المملكة المغربية، لوصمة عار تلاحق تاريخ ترأسكم للمفوضية. واعلموا معالي الرئيسة أننا ندرك مخاوفكم من قدرة المملكة على الحضور القوي داخل المنظمة.. الذي سيعصف بأطروحة الانفصال التي تساندون، وإلا كنتم أكملتم الإجراءات القانونية التي يفرضها القانون التأسسي، وقت توصلكم بإخطار المملكة، ولوزعتموه على أشقائنا في الشعوب الإفريقية. أملنا –السيدة زوما- أن تحسنوا الاختيار في الأيام المعدودة المتبقية من ولايتكم، وتحترموا روح ميثاق الاتحاد والوحدة، الدافع نحو تحقيق الرقي والازدهار لشعوب القارة، والقاطع مع مسلسل الفوضى والعنف والانقلابات والانفصال، الذي عانت من ويلاته شعوب إفريقيا المناضلة.