من شعيب لفريخ في قراءة أولية وسريعة لوثيقة الحساب الاداري للجماعة الحضرية للدارالبيضاء لسنة 2008، والمزمع مناقشتها في شهر مارس الجاري بعدما تم تأجيل دورة فبراير مباشرة بعد افتتاحها بدعوى عدم اكتمال النصاب القانوني، نجد أن حجم الأموال المصروفة كبير بالنظر الى الخدمات المنجزة والتي يزيدها غرابة التعتيم المحاط حولها وغياب الشفافية، فعلى سبيل المثال نجد في الباب 50 المتعلق بالمصاريف ما يلي: «دفعات لفائدة الشركات الخاصة نظير الخدمات التي تسديها للجماعة» وهو تعتيم عن شركات النظافة المحظوظة المكلفة بجمع الأزبال حيث بلغت الأموال التي تسلمتها من الجماعة 277333792.64 درهم فقط لسنة 2008 وهذه الملايير المصروفة هي فقط مقابل الخدمات التي ينجزها في الحقيقة عمال ومستخدمون يتقاضون أجورهم من الجماعة! هذا في الوقت الذي لم يتم ذكر أسماء الشركات وبماذا يتعلق الأمر. كما نجد في الفقرة 5 المادة 21 في الجزء المتعلق بالمصاريف أن حجم الأموال المصروفة في خانة «التعويضات عن الضرر لصالح الخواص» وصل الى مبلغ 29.932.587.82 درهم وهو مبلغ ضخم ويدفع المرء تلقائيا الى طرح عدة أسئلة تخص القسم القانوني كما تخص التدبير العام للجماعة فهل بلغت السهولة بالأموال العامة الى هذا الحجم من التعويض! والذي كان حريا أن يذهب الى توظيفه في مجالات تنموية أخرى. أما في الجزء المتعلق بمصاريف التجهيز فإنه يتضمن عدة أرقام ذات مبالغ مرتفعة تطرح عدة علامات استفهام ونكتفي هنا فقط بالإشارة الى الفقرة المعنونة ب«دفعات للحسابات الخصوصية» حيث نجد ما يلي: شركة مدينة بيس (حافلات النقل الحضري) إصلاح الحافلات: 13.103.000.00 درهم شركة كوجيبا: 50000000.00 درهم شركة الاقتصاد المختلط كازا د: 20.400.000.00 درهم. هذا مع العلم بأنه تم صرف مبلغ مهم في الجزء المتعلق بمصاريف التسيير لفائدة حافلات مدينة بيس بلغ: 11857000.00 درهم ضمن عنوان «تصفية شركة الوكالة المستقلة للنقل الحضري» فكيف يعقل أن يتم منح حافلات «مدينة بيس» كل تلك الأموال في الوقت الذي لا تعطي هذه الأخيرة لفائدة الجماعة أي شيء بل هي تستغل كل شيء من مقرات ومستودعات وتجهيزات و... إضافة الى أن حافلاتها تشحن المواطنين كالبطاطس بشكل يفوق حمولة وطاقة الحافلات وهو ما يعني حصولها على أرباح باهظة علاوة على رفع سعر التذاكر لأكثر من مرة وهو مايعني وجود أرباح خيالية لاتستفيد منها الجماعة في الوقت الذي لا يعرف أين تذهب تلك الارباح. تقوم الجماعة بتخصيص مليار وما يفوق 300 مليون لاصلاح الحافلات! فهذا هو منتهى العبث. وبنفس القدر من العبث وغياب الشفافية يطرح السؤال عن مصير الملايير المسلمة الى شركتي «كرجيبا» «وكازا د، وهل هناك من يراقبها، وهل.. وهل... ومن جهة أخرى نورد بعض الارقام ونترك للقارئ المواطن أن يعلق عليها بنفسه حيث بلغ مجموع الأموال لشراء مواد إبادة الفئران والطفيليات والحشرات ما مجموعه: 3219840.00 درهم. أما شراء المواد الصحية للمكاتب البلدية الصحية فقد بلغ ما مجموعة: 13040169.00 أما شراء مواد التلقيح فقد بلغ: 1391579.68 درهم أما فيما يتعلق بالمداخيل المتعلقة بنسبة 2008 فإن الجماعة أصبحت كريمة جدا مع أصحاب الملاهي من حيث الضريبة المفروضة على الملاهي (الجزء الاول التسيير المداخيل الفقرة 12 ونفس الشيء ينطبق على محصول استغلال الملاعب الرياضية الذي يصل مبلغ الباقي استخلاصه الى : 144326604 درهم، وكذا الرسم المفروض على شغل الاملاك الجماعية العامة حيث بلغ الباقي استخلاصه مبلغ: 60183038,34 درهم إضافة الى الباقي استخلاصه فيما يتعلق بالرسم المفروض على شغل الاملاك الجماعية مؤقتا والذي بلغ ما مجموعه: 2872896038 درهم وكذا الباقي استخلاصه فيما يخص حق الامتياز في النقل الحضري (الخواص) حيث بلغ: 24216637.97 درهم. إن التفريط في استخلاص أموال مستحقة لفائدة الجماعة لايقل مسؤولية عن تضييع المال العام، فسنة بعد أخرى عندما لايتم فيه استرجاع أموال الجماعة تضيع بإسقاطها وإلغائها ولإعطاء فكرة شاملة عن ذلك نورد المعطيات التالية: بلغ حجم الأموال التي لم يتم استخلاصها في سنة 2008 ما مجموعه: 1.688.652.036610 درهم تم إلغاء مبلغ 14038472171 درهم وأصبح الباقي استخلاصه هومبلغ : 1.548.267314.39 درهم أي أن الجماعة ضاعت نهائيا في مبلغ مايفوق 14 مليار سنتيم! مع العلم بأن الجهات التي لم تسدد تلك الديون كان بإمكانها أن تسلم تلك الأموال إلى الجماعة لو كان هناك تسيير وتدبير شفافين وحرص على عدم تضييع المال الجماعي العام. يبقى القول في الأخير بأن ما تم إيراده كأمثلة في هذه المقالة يظل جزءا صغيرا بالنظر إلى حجم الأموال الضخمة التي تم صرفها في بعض القطاعات الجماعية والتي تحتاج إلى تحليل وتدقيق ووضع التساؤلات العريضة عن كيفية صرف المال الجماعي العام ومآله.