أكد السيد عمر هلال السفير الممثل الدائم للمغرب لدى مكتب الأممالمتحدة بجنيف أخيرا أن الجزائر هي البلد الوحيد في العالم الذي يعارض عودة السكان المقيمين على أراضيه إلى وطنهم المغرب، متخذة بالتالي موقفا لاشرعيا. وأضاف السيد هلال، في تصريح أمام الدورة44 للجنة الدائمة للمفوضية العليا للاجئين (حوار المفوض السامي حول أوضاع اللاجئين)، أن هذا الموقف «»غير شرعي قانونا، ومدان سياسيا وغير مقبول إنسانيا»» لأنه غير مدعم بأي قرار، سواء من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة أو من مجلس الأمن أو من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين. وأشار الديبلوماسي المغربي إلى أن من حق المجموعة الدولية أن تعرف لماذا لا يتمتع سكان مخيمات تندوف وحدهم بحق العودة إلى بلدهم الأصلي المغرب، على خلاف حالات مماثلة. وذكر بأنه فيما تعمل بلدان الاستقبال في العالم كله، وتحث على ترحيل اللاجئين المقيمين على ترابها وعودتهم إلى وطنهم الأم، فإن الجزائر هي البلد الوحيد الذي يعارض عودة هذه الساكنة بالأقاليم الصحراوية إلى المغرب، ملاحظا أن أي مبرر سياسي لا يعلل استمرار هذه المأساة الإنسانية. وأكد السفير أن ربط هذا الترحيل بالحل السياسي للنزاع كما تفعل الجزائر منذ ثلاثة عقود يعني، بكل بساطة، القبول باستمرار هذا الوضع المأساوي، موضحا أن هذه الوضعية متواصلة منذ عقود, ليس لأن هؤلاء السكان لايرغبون في الرحيل, أو لأن بلدهم الاصلي يرفضهم, ولكن بسبب اعتراض بلد الاستقبال، الذي يستمر في استغلال مأساتهم في إطار أجندته السياسية بالمنطقة. ودعا السيد هلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والمجموعة الدولية إلى بذل قصارى جهودهما من أجل تنظيم الترحيل الطوعي لهؤلاء السكان إلى وطنهم الأم المغرب، لأن حل الترحيل الطوعي هو الحل الأفضل والمفضل بالنسبة للاجئين, كما تدل على ذلك كل وثائق المفوضية العليا للاجئين، وتؤكدها خلاصة حوار المفوض السامي في دجنبر 2008 . وألح الديبلوماسي المغربي على أن مخيمات تندوف لا يجب أن تبقى خارج القانون الدولي، وأن القانون الإنساني يجب أن يطبق على هذه الساكنة، في إطار مبادرة المفوض السامي، على غرار الأوضاع المزمنة المشابهة الأخرى, مشيرا إلى أنه على المجموعة الدولية ألا تسمح بأن يظل هؤلاء السكان إلى أجل غير محدد، رهائن حسابات ومناورات سياسية للجزائر. وأضاف أن الوقت حان كي تبين الجزائر عن حس المسؤولية والإنسانية، وأن تسمح بفتح المخيمات, وتمكن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين من تنظيم الترحيل الطوعي لهذه الساكنة. وفي هذا السياق, ذكر السيد هلال بأن المغرب، الوفي لالتزاماته الدولية، عبر منذ بداية هذه المأساة الإنسانية, عن استعداده لمنح كل الضمانات التي ينص عليها القانون الدولي الإنساني والمفوضية العليا لؤون اللاجئين من أجل تأمين عودة هؤلاء السكان واستقرارهم في بلدهم الأصلي في أحسن الظروف. وتساءل السفير المغربي، من جهة أخرى، عن دواعي عدم إدماج وضعية محتجزي تيندوف ضمن الوضعيات النموذجية المصنفة من قبل المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، كاللاجئين الأفغان والبورونديين والإريتيريين والكروات والروهينغيا. وأضاف أنه بتفهم وقوع اختيار المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على هذه الحالات الخمس التي تضم أكثر من مليونين ونصف المليون لاجئ، فقد «كنا نأمل أن يتم عرض حالة مخيمات تندوف على هذه اللجنة»،طالما أن وضعية مخيمات تندوف هي الأكثر مأساوية في العالم، بالنظر إلى المعايير الثلاثة التي وضعتها المفوضية، موضحا أنه في ما يخص المدة فإن سكان مخيمات تندوف محتجزون منذ أكثر من ثلاثة عقود. وقال إنه بعدما شكلت هذه المخيمات سجون أطول اعتقال في التاريخ لمحتجزين مغاربة، إلى غاية2005 ، فإنها قد حققت رقما قياسيا مؤلما لأقدم لاجئين في العالم ضمن أولئك الذين تهتم بشؤونهم المفوضية العليا للاجئين، مؤكدا أن هذه المخيمات تتستجيب بشكل كاف لمعيار العدد، رغم أن العدد الحقيقي للسكان المحتجزين يجب تحديده في إطار إحصاء يتسم بالمصداقية تقوم به المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، ورغم أن الجزائر تستمر منذ30 سنة في رفضه، في انتهاك للقانون الدولي. وأضاف الدبلوماسي المغربي أن أنه في ما يخص التمتع بالحقوق، فإن حقوق الإنسان الأساسية تنتهك يوميا في هذه المخيمات, حيث إن سكانها محرومون من حقهم الاساسي في حرية التنقل، ولا يمكنهم مغادرة المخيمات بحرية ولا العودة الى وطنهم الأم، المغرب، ولا الإقامة في مدن جزائرية أخرى، وهذا بسبب المنع الذي فرضه عليهم البلد المستقبل والمصالح الأمنية ل»»البوليساريو»». وأشار إلى أن منطقة مخيمات تندوف هي الأكثر تطويقا أمنيا في كل الجزائر لأنها الأكثر خضوعا للحراسة والمراقبة. وتابع السيد هلال، إضافة إلى ذلك، فإن حريات التجمع والتعبير غير مسموح بها في المخيمات لهؤلاء السكان, ولا يسمح بأية معارضة من قبل «»البوليساريو»» التي تفرض منذ 32 سنة نظاما بائدا للحزب الوحيد والفكر الوحيد, حيث لا حق لأي صوت غير صوتها في التعبير. وأوضح السفير المغربي أنه في ما يتعلق بالحق الاساسي في التربية والتمدرس، يعاني أطفال المخيمات من إقصاء صارخ, حيث يتم إرسالهم دون موافقة آبائهم إلى بلدان بعيدة قصد متابعة دراستهم, لأن بلد الاستقبال لا يدمجهم في نظامه التعليمي. وقال من جهة أخرى أن الحق في الغذاء يشكل، في هذه المخيمات، موضوع استغلال سياسي قبيح في إطار الحملات الدورية، والذي يزيد من حدته التحويل المستمر للمساعدة الإنسانية الدولية, وهو ما تؤكده تقارير المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وبرنامج الغذاء العالمي والمكتب الأوروبي لمكافحة الغش. وفي الأخير، أكد السيد هلال أن ما يصدم أكثر هو أن جزءا من السكان المحتجزين يعاني, في القرن الواحد والعشرين, من مختلف الممارسة الإقصائية اجتماعيا والمذلة إنسانيا, بالرجوع إلى العبودية, التي تمثل ممارسة عهد بائد يستنكرها المجمتع الدولي وحقوق الإنسان، وأدانتها الصحافة الأجنبية والعديد من تقارير المنظمات غير الحكومية، كمنظمة «فرانس ليبيرتي» ومنظمة «هيومان رايت ووتش» في تقريرها الأخير في شهر دجنبر2008.