إلى (م. ص.) .. تحيةً لك وللسياب حين "كركرَ الأطفالُ في عرائشِ الكروم"! الأمسياتُ لمّا تزلْ غائمةً في ناظريكْ، غائمةً عبْرَ شرفتكَ المستفَزّةِ في الظلامِ النديّ.. الأمسياتُ كما كلِّ أيامِكَ الشارداتِ مدجّجةٌ بالغيومِ ولكنها لا تفيضْ، مكتظّةٌ، في خريفِكَ المستبدِّ ومنذُ استفقتَ، شحوبُ ظلالٍ بقبحِ احتلالْ وكانت كوابيسُ ما قبلهُ حابساتٍ: حُروباً.. حُطاماً.. حِصاراً.. حَريقا... ... الأمسياتُ غائمةٌ في ناظريكَ ثم انتظرتَ التي وعدُها كالسرابْ.. التي حين تأتيَ يختالُ صمتُ ويُزهرُ نبتُ نابضاً في مآقيكَ كما لو أنها أوشكتْ أن تُضيءْ.. وانتظرتَ، تنفّستَ ضوعَ الشجيراتِ تَثّاءبُ في هطولِ الغيومِ ولا مِن رقادٍ كؤوسَ نبيذٍ وترتادُها حُبيباتُ المياهِ دبيباً تحاولُ وصلَ الشفاهْ، وانتظرتَ التي وصلُها من رضابْ.. التي حين تأتيَ يقتاتُ صمتُ على خاوياتِ المكانِ، فيخْضَلّ وقتُ وتبسمُ عيونُ ما رُكِنَ مهمَلاً من أثاثٍ عتيقْ وتأتلقُ عند المدى -أغنياتٍ- مصابيحُ مسرَجةٌ كالنداء السحيقْ تقولُ ما هاهنا يا راحلاً تنتهي الأرضُ بل هاهنا عتبةٌ لابتداءِ الطريقْ معارجُ نحو بروجِ السماءِ سلالمُها من رحيقْ! وانتظرتَ انتظرتَ إلى حينِ أن غادرتْكَ الأماسي ووجهكَ مغتسلٌ بالضبابْ.. وعدتَ إلى عصر قبلَ الخريفِ وكان جديداً وكانت كوابيسُهُ حابساتٍ: وصلَها.. قبْضَ ريحْ صوتَها.. استلّني من رقادِ الضريحْ همسَها.. لاهثاً في دمي يستريحْ صمتَها.. باسماً كجراحِ المسيح!