ربابة ظللت أحدق فيك-أقصد في اسمك- كثيرا، وأنا أقرأ لائحة أسماء التلاميذ. لم أستطع إخفاء إعجابي باسمك أو ربما بك. - إسمكِ جميل ولأن جوابك على طرف لسانك قلت: - ذوقك الأجمل أتذكر كيف كنت طباخة ماهرة، تجمعين المتناقضات. وحين مزجت الزيت بالخل وتغذينا سويا، زاد إعجابي بك. رباب كلما جعل منك أنثى، تلك التاء المربوطة في آخر الكلمة. خدعتني الألفاظ رغم طول معاشرتي لكتب النحو وفقه اللغة. وتحولتِ بعد مدة، إلى آلة موسيقية عزفتُ على أوتارها أنغام الأحزان، بعد أن فرغت من إعطاء دروس الدعم والتقوية. ولم يعد لي ما نغطي به مصروفنا اليومي، أو ما أشتري به بذلة وحذاء، فأنا أعيش وسط مجتمع لحسن الحظ. رب وأنا أسيروسط الشارع، المزدحم بالمارة وأنواع مختلفة من ماركات السيارات. وأنا أتحسس صوت الباعة المتجولين، ورائحة الطعام يطهى، ولافتات الدعاية العربية بحروف لاتينية. وانا أسير في الشارع، وصلت باب المسجد، بسرعة خلعت الحذاء، دخلت، حاولت أن اتذكر بعضا مما تعلمته في دروسي الابتدائية عن اركان الصلاة وفرائضه وسننه. لقد علمونا فريضة الصلاة ولم يعلمونا كيف نصلي. حين عانقت جبهتي الأرض قلت في نفسي: - تذل جباه الجبابرة للجبار، لست جبارا ولكن.. لما انتهت الركعات الثلاث، أسندت ظهري إلى الجدار، وبدأت صور فواتير الماء والكهرباء والكراء تمر أمام عيناي. وتعالت معها أحزاني وترنماتي في السماوات. رفعت رأسي ببطء عندما ألقيت الحذاء إلى الخارج، وجدتك امامي، كنت كما انت. وقلتِ بصوت مهموس: - رَ فتحت الظرف، وإذا به تعيينا لي في مهنة التدريس، ألقيته من يدي كمن أحرقته جمرة، وبدأت أركض، فلم يتبق حرف بعد الراء ليسقط..