أصبح موقع ''اليوتيوب'' على الإنترنت، الذي يبث ملايين أفلام الفيديو من مختلف أنحاء العالم، يستقطب الكثير من الناس عندنا، بعضهم فضولا في معرفة خبايا المجتمع، وبعضهم خوفا من أن يجد فضائحه مبثوثة على الشبكة العنكبوتية، لتتناقلها الهواتف الجوالة عبر تقنية البلوتوث. كان على المجتمع الجزائري الذي يوصف بالمحافظ أن ينتظر ثورة تقنية ''البلوتوث'' لتنفجر فيه فضائح أخلاقية، ثقافية، تتناولها الجرائد في كل مرة، فالبلوتوت وقرينه ''اليوتيوب'' الذي اخترق المجتمع الجزائري بسرعة لا يؤمن بسقف للحرية، فمعه لا حدود للنقد السياسي، ومعه تسقط رؤوس المخطئين، وتظهر زاوية جديدة لإعادة قراءة المجتمع من جديد وكشف مستوره، ومع هذه التقنية الجديدة ظهر ''مفدي زكريا جديد'' (مقلّدا لشاعر الثورة الجزائرية)، يتهكم بكلمات نابية على الوضع القائم، ويظهر بعض ''المحترمين'' في المجتمع وهم في أوضاع لا يحسدون عليها، وقد عرّتهم هذه التكنولوجيا الجديدة• المطرب المسيّس والمشاغب ''بعزيز'' الذي فجّر مفاجأة يوم استضافه التلفزيون الجزائري قبل سنوات بغرض تقديم وصلة غنائية على الهواء مباشرة بأدائه لأغنيته الشهيرة التي تجاوزت كل الخطوط، والتي لم يترك من خلالها أي نقيصة إلا وألصقها بالمسؤولين.. اهتدى إلى وسيلة إعلامية أكثر حداثة وأقل رقابة وهي ''البلوتوث'' و''اليوتيوب'' ليفجر آخر قنابله الغنائية•• بعزيز الذي غاب عن الغناء مؤقتا وعد بأنه سيقدم ألبوما غنائيا جديدا لم يكشف عن تفاصيله، وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجمهور دور الألبوم الغنائي لهذا الفنان المشاغب بطريقة نشر ''كلاسيكية''، إلا أن المفاجأة كانت غير منتظرة عندما تناول الجمهور أغنية جديدة للفنان عن طريق اليوتيوب وتقنية ''البلوتوث". الأغنية فيها شتم صريح للعديد من الشخصيات السياسية الجزائرية، ولم يكتف بالنقد السياسي بل تجاوز الأمر إلى التهجم على الكثير من رموز السياسة في الجزائر ذلك التهجم الذي وصل حد القذف في حياتهم، ولم يكتف بالساسة بل تعداه إلى حد القذف في حق زملائه الفنانين مثل الشاب خالد والمطربة الراحلة الشيخة الريميتي والمطرب رابح درياسة الذي اتهم في فترة سابقة بأنه مطرب النظام السياسي في جزائر سبعينيات القرن العشرين عندما كان يحتل وسائل الإعلام حينها ويروج لبرامج الرئيس الأسبق هواري بومدين• ويطرح موضوع تقنية ''البلوتوث'' الجديدة كوسيلة إعلامية وثقافية عصرية تشهد إقبالا منقطع النظير عندنا وعند غيرنا، تلك التقنية التي يرى الكثير من الخبراء ستكون جزءا أساسيا من البرنامج اليومي للمحطات التلفزيونية في العالم عندما فرضت نفسها كوسيلة إعلامية جماهيرية جديدة تتجاوز كل الأنماط الإعلامية والثقافية الكلاسيكية، وقبل أن تصل إلى ذلك المستوى يبدو أنها اخترقت المجتمع الجزائري بقوة وأحدثت زلازل مثلما وقع في مدينة باتنة بالشرق الجزائري عندما تداول هواة البلوتوث قبل أشهر شريطا جنسيا مدته حوالي 7 دقائق تم تصويره بين شاب وفتاة من نفس المدينة، وقد تم القبض عليهما وأودعا الحبس الاحتياطي قبل محاكمتهما، وما حدث بعد ذلك بنفس المنطقة في فيلم تظهر فيه امرأة محجبة تمارس الجنس مع رجل داخل سيارة وهي الصور التي أحدثت صدمة في المجتمع المحلي غير المتعود على ذلك الأمر الجديد، أو كما حدث في منطقة أكثر محافظة وهي خنشلة في عمق المجتمع الشاوي المحافظ عندما تم القبض على عصابة نساء متخصصة في تصوير نساء عاريات داخل حمامات شعبية عن طريق الهاتف الجوال ومن ثم تسويقها عن طريق تقنية البلوتوث• هذه التقنية الجديدة التي استعملتها إحدى الفتيات في مدينة عنابة بأقصى الشرق في سبيل الشهرة لم تذهب معها بعيدا فتلك الفتاة صاحبة ال 23 سنة وهي ''بطلة أفلام خليعة'' عن طريق البلوتوث سقطت سريعا وتم القبض عليها، وتبين أنها تسكن في حي هو واحد من أرقى أحياء المدينة، وهي طالبة بجامعة عنابة، وقد صورت فيلما مع طالب جامعي من أصل فلسطيني لم يقبض عليه في حينه• البلوتوث واليوتيوب لم يعريان المجتمع المحافظ فقط بل أسقط مسؤولين سامين من مناصبهم مثلما حدث مع محمد شلوش المدير السابق للقناة الإذاعية الأولى الذي أقيل من منصبه عندما حدث ''خطأ مهني'' تمثل في بث مقطع من تسجيل صوتي ساخر يقلد فيه أحد الأشخاص المجهولين صوت رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وينتقد فيه بسخرية لاذعة أوضاع المجتمع الجزائري بعد الاستقلال وماذا حقق الاستقلال، وهو التسجيل الذي مازال يتناقله الكثير من الناس عن طريق البلوتوث في هواتفهم الجوالة، ويشاهده الكثير عن طريق اليوتيوب على الإنترنت• ففي فترة البث الصباحي لبرامج القناة الإذاعة الأولى تفاجأ المستمعون بذلك التسجيل الساخر يمر عبر أمواج القناة بالتوازي مع مادة إذاعية أخرى، وقد تبيّن أن أحد العاملين كان قد أخذ التسجيل المأخوذ من الهاتف النقال في ''الفلاش ديسك'' وكان يمزح مع زملائه ولم ينتبه لأن التسجيل كان يمر تحت أغنية فوقعت الكارثة وتم فتح تحقيق مع أربعة عاملين في الإذاعة، وكانت النتيجة هي إقالة مدير القناة من منصبه، وهو الذي لم يهنأ به طويلا• ولا يكاد يمر يوم دون أن تظهر تسجيلات جديدة تنشر على اليوتيوب وتنقل بين الناس عن طريق تقنية البلوتوث، تتناول بالسخرية الأوضاع الاجتماعية والسياسية للبلاد•• يتم تقليد أعلى المسؤولين، وتصوّر الأجساد العارية في وضعيات محرجة، وسرعان ما تنتشر تلك التسجيلات في كامل أرجاء بلادنا المترامية الأطراف•