*** " القراءة الهادفة لبناء مجتمع المعرفة " شعار آخر للمعرض الدولي للنشر و الكتاب بالدارالبيضاء في دورته السابعة عشر، بعد أن حملت الدورات السابقة جملة من الشعارات لم يتم التأكد من نتائجها و حصيلتها لحد اليوم كشعار الدورة الفارطة " العلم بالقراءة أعز ما يطلب " و الذي قبله " في مملكة الكتاب ". و هكذا تجتهد الوزارة الوصية عند كل دورة بوضع شعار يبدو من حروفه و مفرداته و رسالته أنه شعار المرحلة، و استراتيجية بناء لواقع الكتاب و النشر ببلادنا، و ذلك دون أن ترافق وزارة الثقافة اجتهادها هذا، باجتهاد آخر يسعى إلى معرفة نتائج تلك الشعارات عند القارئ المغربي و بائع الكتب و ناشره. إننا نفتقد أية دراسة ميدانية علمية و إحصائية للدورات السالفة من معرض الدارالبيضاء الدولي.. حيث اعتاد الوزير بنسالم حميش - و قبله الكثيرون عند كل دورة – على الحديث عن الدورة التي اقترب أجلها، انطلاقا من عدد المشاركين، و أسماء المنشطين و المكرمين و المحتفى بهم، و انتهاء بتحديد قدر المساحة الجغرافية التي منحت للمعرض لاستقبال العارضين و الزوار.. بينما يعجز الوزير كل مرة عن إعطاء أرقام و إحصائيات و دروس و عبر تمخضت عن الدورة المنصرمة، و هو ما يعني أن الوزارة واعية بكون تنظيمها للمعارض لا يعدو أن يكون فلكلورا ثقافيا لا هدف و لا غاية من ورائه، بالرغم من أن كل دورة تحمل بأنفاسها شعارا قويا و ذا معنى عميق. عندما كان عنوان الدورة 15 هو " في مملكة الكتاب "، كنا نعتقد أن الكتاب ذو الجودة العلمية و الأدبية العالية، و ذو السعر المناسب و المعقول سيدخل كل بيوت المغاربة، و سيصبح وليمة إضافية إلى جانب أكل المعدة.. لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال، إذ ازداد الكتاب المنشور رداءة، و سعره فحشا و إرهابا. و عندما رفع شعار " العلم بالقراءة أعز ما يطلب " للدورة 16، قلنا أن المهدي بن تومرت سيكون سعيدا بقبره حين يصله علم بكون شعار الدورة قد استعار من كتابه " أعز ما يطلب " وقود المعرض و منشطاته غير المحظورة.. لكن النتيجة هي أن العلم بالقراءة ظل محاصرا بجهل القراء لعدم نجاح الشعار الذي كان قبله. أما اليوم فالشعار هو " القراءة الهادفة لبناء مجتمع المعرفة ".. و هنا نتساءل هل هناك قراءة ما حتى نجعلها هادفة ؟ أو منكمشة ؟ أو مدمرة ؟ و هل هناك مجتمع للمعرفة ؟. لا شك أن الشعار كبير جدا، و يختزل بصدق إشكالية المغاربة الذين لا يعرف – أغلبهم – شكل الكتاب و لا معنى القراءة، بفعل غياب استراتيجية علمية و دقيقة و واعية بنشر الكتاب و التحفيز على القراءة.. استراتيجية تقوم على توظيف مسالك التعليم و الإعلام و الطباعة في دفع المغاربة إلى جعل القراءة تقليدا يوميا، و الكتاب إلى أنيس لا يفارق وحدتهم. و إذا كانت إيطاليا ضيف شرف المعرض في دورته السابعة عشر، فما علاقة الشعار الآنف الذكر بإيطاليا الثقافة و الفن و السينما ؟ ثم ماذا أعدت الوزارة الوصية من ترجمات لكتب إيطالية ؟ و من استضافة لمثقفي إيطاليا ؟ و من تنشيط إيطالي لفعاليات المعرض..؟ أسئلة لم يجب عنها بنسالم حميش رغم تخصصه الفلسفي، و معرفته العميقة بعلم الكلام.