يا غُربةَ أشجاري تخونها الفصولُ المطرُ أيضا أصبحَ مزاجيا يخرجُ إلى الغابةِ حينَ يريد غالبا بلا موعد يقتلعُ الجذورْ يقذفُ الترابَ الحرَّ في مقابرِ الوحل توزع القبائل دمه على الأسواق المفتونةِ بالحريقْ يا عَطَشَ أشجاري لمُ تُسعفها كأسٌ ولا داوتْ فداحتَها عِبارةٌ ولا لَفَحتْ ثِمارَها قُبلةٌ لم يعدْ لِعشْقِها قمرٌ ولا ترى نجوما كي تُداري ظلامَ الطريقْ يا خسرانَ أشجاري كمْ مِنْ خيولِ الوقتِ نَفقتْ حين رحل القلبُ انسحقتْ أوراقٌ تحت أقدامِ العساكرِ انصهرتْ بحارٌ اندحرتْ حدودٌ تبدَّدتْ فاكهةُ الروحِ ماتَ الشَّوقُ انفَضَّ الرفاقْ يا عزلة أشجاري أشعلَ الخريف حقولَ الموتِ أغصانٌ كثيرة شاختْ باكرا انقرَضتْ جذورٌ داختْ براعمٌ في عراء البحر انسابتْ بلا ترَدُّدٍ في ضلوعي بِزئبقِ الشّعْرْ أتدفأ كي لا أضيعَ أكثرْ كي لا يهزمني السقيعْ يا عزلةَ أشجاري تُدَغدِغُها لُغةٌ تُجافيها طراوةٌ يتلاطم فيها الحزنُ تَصبُّ البحرَ في أحشائي بِزئبقِ الشّعْرِ أتدفَّأُ كي لا أضيعَ أكثرْ كي لا يهزمني السَّقيعْ يا يُتمَ أشجاري انطفأَ الكأسُ فوقَ أسرابِ السؤالْ اكتسحَ السماءَ غمامٌ أجوفُ هَدَرَ رَعدُ الفداحَةِ انتفضَ برْقٌ من فراشِ غيبِهِ مطرٌ شاحبٌ ولا دموعَ لي كيْ أبكيكَ لا لغةَ لي كي أرثيكَ لا نوارسَ تَعُدُّ خساراتي لا هواءَ لصباحي ماتَ محمود درويش يا يُتْمَ أشجاري يا يُتمَ أشْجاري