أقبلي ولا تخافي. بطنك الآن منتفخ في الثماني. ولا أحد يبالي .تمرين عارية، وتلملمين بقايا الحاويات، تلتهمينها بشره. والضحك يملأ شفتيك. رباه من مبسم طفولي ، يغوي من لا يداري. إن قلت لي أنك والحالة هذه لا تعلمين، فتذكري أنك في الصبا، والعمر يداهمك ويجري. والتقطت أنفاسك تنظرين إلى من حولك لكن لا أحد يبالي. الغم والهم سيان لديك. والعري والتعري حالة مفردة لك. وأنت التي كنت في الأيام الخوالي تعانين. خالية الذهن. والصفاء يعمر ذهنك، وتقلب الدهر عليك، وها أنت في هذا الوضع، شقاء كأنه اللحد يضمك. تمرين بهم، ويديك ممدودة لهم، كأنما جئت لتعانقيهم. ومأربك ضارب في الغموض. والنحس وصمتك. فلا تبالي . ها أنت واقفة بجانب الزقاق اللعين حيث عيون المرايا تلاحقك، ترثي حالك، لكنك وحيدة في انتظار الغريب. فهلمي، إن اللقاء لم يحن موعده فانتظري. تجرين، والأطفال يتبعونك،ونهديك وعانتك تسيل كل اللعاب. لا تنتفضي، إن المحال طافق، وقد زال عنك الجد، وهو أيضا لا يهتم بك.زرتني في المنام، فأشفقت عليك. وزينتك بأحلى حلي العروس، وألبستك ثيابا من خضر وإستبرق، وفرشت لك العوسج والنرجس والياسمين، وقلت لك. إنك الآن وردة فأزهري. ضحكت، ولعبت ألعاب الصبيان، وعدوت كأنك الخيل جياشة لا تعرف أين تمضي، شعرك مسدول والريح يداعبه، كسنابل قمح، تموج أثناء هبوب النسيم. ما خلت أني ما فعلته لك. لكني والحال، حينما أنهض وأستفيق من موتي،لا أراك إلا كمن خيلة له سوابق الطالع النحس. لا أحب أن أراك مكومة كقرفصاء ،تقضين حاجتك، وأنوف المارة تزكم من روائحك. لكن لا أحد منهم يبالي. بكيت ، وصرخت ، وغضبت، ونفشت شعرك، ومشيت حافية القدمين، وهم ينظرون إليك ويقولون، حمقاء فلماذا نبالي؟ الآن بطنك منتفخ في التاسع، تمررين يديك عليه، ظننت أنه بالون هواء، لا تعرفين ما حل بك، مذ أن رميت في الشارع. هذا الغول الذي احتضنك، بت على أرصفته، تلحفت بالسماء ، وفرشت الأرض. والناس حولك. لكن لا أحد يأبه لحالك. كلما اقتربت منك ، خلتني أنني واحد منهم،أريد لك البأس، أو أني أحاول نهش لحمك. لكن مضار علي، فأنت التي سكنت طرفا من خلدي.مدي يديك إلي ولا تتوجسي، فلست سوى ظلك الذي يحفك. آه منك. تركضين كلما لاحقتك، ولا تنظرين إلي إلا من بعيد، إدنو مني، إنني لست منهم، أنا منك. سقيت بلعنة ،ماؤها حنظل. ونفخ فيك روح ليس به ريحان، لا تعلمين من هو، إنه بداخلك يداعبك، تظنينه أنه لعبة، أو سقم. طفلة في المحيا لكن الآن قد جاءك المخاض. لا تدرين ماذا حل بك. أنفاسك تتسارع، وحشرجات صدرك تتصاعد،كأنه الموت أعلن،وقد سيق لك. فهبي إلى جدع شجرة، وضعي وزرك الذي أثقل مضجعك . تمددت، و أمسكت بيديها فرعين، زعمت أنهما يدي أمها جاءت لتخلصها من المخاض. حلمت، وأنت تتأوهين، والصداع شق رأسك، هلوسات وأحلام وأشرطة من الذكريات تمر بسرعة وهي تجول بخاطرك. صرخة، صرخة، ووضعت مولودا خرج لتوه من ظلام رحمك،حتى الشجرة لم تبالي، إذ لم تساقط عليك، رطبا جنيا. تجمع طفلها، وتضمه بين حناييها وهو مضمخ بدماء مشيمتها، تحضنه وتلفه في أسمالها.. الآن تدرين أنك أم، وطفلة تحمل طفلا، الأمومة خرت من فوق، ووهبت لك.. ها أنت ستعرفينها مرة أخرى بعد أن تخلت عنك. تجمهر الناس حولك ، الآن يبالون، ويهتمون، ويختصمون، ويزبدون، ويحوقلون، ويقولون: لقد وضعت أنثى. وليس الذكر مثل الأنثى. بنت اللقيطة، بنت الزانية، الآن يصفونك وينعتونك بأسماء هم جزء منها.