استأنف النادي الثقافي بالثانوية التأهيلية عمرو بن العاص، بنيابة الحي الحسني بالدار البيضاء، يوم الجمعة 26 مارس 2010 ، حلقاته النقدية والتواصلية مع الكتاب المغاربة. وكان عريس الحلقة الثالثة القاص والمبدع إبراهيم الحجري، وقد تمحور اللقاء حول مجموعته القصصية الثانية استثناء الصادرة سنة 2009. رحب منسق اللقاء بوشعيب الساوري في البداية بالمحتفى به، ونوه بمكانته وإسهاماته الإبداعية والنقدية. وأكد أن مجموعة استثناء استطاعت التقاط توترات الوجود الإنساني المغربي الهابط والموجع بقضاياه الساخنة، باعتماد لغة ذات حس ساخر وتنفتح على الموروث اللغوي والحكائي الشعبي. وقدم الأستاذ إسماعيل بنهنية ورقة نقدية حول المجموعة عنونها ب"إقامة قصصية بعزف متنوعة" افتتحها بالحديث عن الغلاف ومكوناته. وبين أن الكتاب ينقسم إلى جزأين الأول خصه صاحبه للقصة القصيرة(17 نصا) والثاني خصه للقصة القصيرة جدا(50 نصا). حاول من خلالها رسم صورة واقع موجع مختل بكل المقاييس. بالبحث عن استثناء منفلت يخترق هذا الواقع الرديء. وأكد أن قصص المجموعة انشغلت بالهم اليومي وانسداد الآفاق والتوترات والمعاناة والوقائع والعلاقات المغموسة بلوعة الزمن وتناقضاته. وحاولت إبراز رغبة شخوصه في الانعتاق من شراك وقساوته وبإحباطاته وفجائعه ومتاهاته، كما تلتقط أمانيها وآمالها. وبين الباحث أن شخصيات المجموعة تشترك في البحث عن ما يؤمن وجودها ويبرره. إذ تتقاسم قساوة الواقع وانسداد الأفق وسلبية اليومي الطاحن. شخوص لها نفس المسار والمصير. تعيش التوتر بين ماض ممعن في القهر والقساوة وحاضر موجع ومحاصر. أما على مستوى تقنيات السرد فقد بين الباحث أننا نلمس نفسا سيرذاتيا، على الرغم من اعتماد السرد بضمير الغائب. اتخذ ساردو قصص المجموعة وضع المشاهد والشاهد على ما يحدث ويجري من وقائع وتقلبات عاصفة بالشخصيات، وقد نجحا في التقاطه عبر عين واصفة تبقي على المسافة بين السارد وموضوعاته. واستطاعت لغة المجموعة الساخرة المقتصدة القبض على كثير من الثنائيات الضدية التي تميز واقع الشخصيات. وقد عنيت بتصوير الكثير من المشاهد المكتظة. لغة استطاعت الانفتاح اللغة العامية وجمالية مع الإبقاء على جماليتها وانفلاتها وانزياحها نحو الشعر. كما انفتحت على الثقافة الشعبية بكل إمكاناتها. وفي حديثه عن المكان، أكد الباحث أنه مكان متقلب الوجوه وبقيم متعددة وإبعاد تصل إلى حدود التعبير عن التضاد والمفارقة بين الجواني والبراني بين البادية والمدينة وغيرهما من الثنائيات التي تؤثث المجموعة. كما شدد على العلاقة بين المكان والشخصيات، التي تتراوح بين الحميمية والتنافر. وأكد الأستاذ اسماعيل بنهنية في الأخير على أن الاستثناء في المجموعة هو استطاعة الكاتب القبض على تلك اللحظات المنفلتة من طاحونة اليومي لحظات الأحلام والآمال المرجوة. واختتمت أشغال هذه الحلقة بحوار مفتوح بين المحتفى به وتلامذة ثانوية عمرو بن العاص حول الكتابة وجدواها وأبعادها، وغيرها من القضايا التي أثارتها أسئلة التلاميذ.