إعداد: عبد الرحيم العطري يصدر قريبا عن سلسلة الشروق المغربية كتاب جديد للباحث المغربي منتصر حمادة الذي اختار مبكرا تدشين النقاش الجدي و المختلف حول الحركات الإسلامية و أنماط التدين و أشكال الصراع على الإسلام، وفق اشتغال يؤيد الاشتباك الفقهي و التناظر الفكري. "نحن و التصوف: الطريقة القادرية البودشيشية نموذجا" هو العنوان الذي اجترحه الباحث لمؤلفه الجديد الذي يحرص من البدء على طرح العديد من الأسئلة المغيبة حول الحاجة إلى التصوف و التهاب النقاش، و لربما الخلاف حول هذه الحاجة من عدمها في مغرب ما بعد السادس عشر من ماي 2003. في افتتاحية هذه السلسلة يؤكد صاحبها الأستاذ محمد أوجار أن "سلسلة الشروق المغربية تستمر في "نضالها المعرفي" أو بالأحرى "مغامرتها الثقافية" برأي عدد من المتتبعين الذين يعتبرون الاستثمار في "الثقافي" مغامرة غير مأمونة العواقب، و تحديدا في ظل تلويك مستمر لواقعة تراجع عادات القراءة في المجتمع المغربي و العربي عموما". و يضيف أوجار قائلا بأن الاستمرارية هي "ضدا في منطق التسليم بالأمر الواقع، و توقا للممكن الذي تستعيد فيه القراءة عافيتها في تفاصيل حياتنا اليومية، و عنوان الاستمرارية هو العدد الثالث الذي كان حلما إلى حد قريب، تستمر بفضل أريحية القارئ و سخاء المثقفين" كما أوضح في افتتاحيته أن "الاستثمار في "الثقافي" ليس مجرد ترف فكري أو تقليعة جديدة نرتكن إليها، إنه مرتكز أساس في صناعة التغيير و بناء الذات الجماعية، فالمشروع المجتمعي المتقدم نوعا و درجة لا يكون و لا يصمد في مواجهة تحدياته إلا بفضل السؤال الثقافي". في مفتتح هذا الكتاب يتساءل الباحث منتصر حمادة قائلا "ما هو موقع التصوف اليوم في ظرفية دولية اختُزِل فيها الإسلام في صور نمطية لا تخرج عن العنف والدم والإرهاب؟ من هم "نجوم" الطريقة داخل وخارج المغرب؟ ما هي أسباب الخلاف الأقرب إلى "العداء"، ذلك الذي يُميّز موقف الحركات الإسلامية من الطرق الصوفية؟ وما هو موقع الطريقة القادرية البودشيشية، والتصوف بشكل عام، في المشهد الديني المغربي اليوم؟ وهل حقا كان علينا انتظار اعتداءات الدارالبيضاء الإرهابية حتى نشهد هذا الإقبال شبه الرسمي على الطريقة؟ وما الذي يمكن أن يقدمه التصوف، أو "الإسلام الطرقي"، في معرض مجابهة الأطروحات الإسلامية المتشددة؟ وأخيرا، وليس آخرا، ألا يمكن قراءة الصعود الملفت للتصوف في الوطن العربي والعالم الإسلامي، تجليا لمعركة كبرى تحمل شعار "الصراع على الإسلام" بتعبير رضوان السيد؟" تتوزع شواغل هذا المنجز على تمهيد يسائل المقامات العشر للتصوف بالمعرب، و عشرة فصول تتناول بالدرس و التحليل ماهية التصوف و نقد التناول الإعلامي لقضايا التصوف و الطريقة القادرية البودشيشية وتحدي اللعبة السياسية، فضلا عن التديّن الطرقي وتحدي التديّن الحركي و "سؤال الوجود" مفاتيح انجذاب الأجانب نحو التصوف. و تناقش باقي الفصول التصوف القادري بوابة اعتناق اليسار الفيتنامي للإسلام و الصوفية وتحدي التوظيف الغربي للمشروع الأخلاقي و وقفات نقدية مع شبهات علاقة التصوف بالتشيع، لتختم بفصل المقام بين التوفيق الوزير و"التوفيق المريد" و نحن والتصوف في منتهى الكلام. الباحث منتصر حمادة يعترف في البدء بأن كتابه هذا ليس عملا أكاديميا صرفا كما أنه لس بعمل صحافي، وإنما هو في مرتبة بين المنزلتين وذلك لاعتبارين اثنين: يرتبط الاعتبار الأول بسيادة خطاب إعلامي اختزالي مليء بالجهل والمغالطات في معرض التعاطي مع قضايا الشأن الديني بشكل عام، ومنها قضايا التصوف. ويرتبط الاعتبار الثاني بسيادة خطاب "الموضوعية الباردة" في العديد من الدراسات الأكاديمية التي اشتغلت على موضوع التصوف، ومنها تصوف الطريقة القادرية البودشيشية. وتأسيسا على هذين الاعتبارين، اختار الباحث وفق اعتبارات أخرى طبعا، تحرير كتاب "نحن والتصوف: الطريقة القادرية البودشيشية"، متسلحا "بخيار الاقتراب أكثر من تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية من جهة، من باب تطليق مقتضيات تلك "الموضوعية الباردة" من جهة، والاجتهاد أكثر في تجاوز مآزق تلك المتابعات الإعلامية من جهة، مع الانحناء الكلّي والمسؤول لقاعدة علمية سطّرها يوما الإمام مالك، مفادها أنه "كلنا رادٌّ، ومردود عليه، إلا صاحب هذا القبر"، مشيرا إلى خير الأنام، رسول الله، صلى الله عليه وسلم." يذكر أن كتاب "نحن والتصوف: الطريقة القادرية البودشيشية" للباحث منتصر حمادة الذي يصدر في حلة أنيقة، و في نحو 130 صفحة من القطع المتوسط، يعد العدد الثالث في سلسلة الشروق المغربية التي يديرها الأستاذ محمد أوجار و يرأس تحريرها الباحث عبد الرحيم العطري، فيما هيئتها الاستشارية تتكون من نخبة من المثقفين المغاربة و هم على التوالي: الدكتور عبد الكريم برشيد، الدكتور مصطفى محسن، الدكتورة زهور كرام، الدكتور أحمد البوكيلي، الدكتور يحيى اليحياوي، الدكتور الحسن اللحية و الدكتور ميلود بلقاضي. يذكر أخيرا أن العدد الأول من هذه السلسلة تمحور حول السلوك الانتخابي بالمغرب، و ذلك من توقيع مجموعة من الباحثين، فيما العدد الثاني تناول منطقة الريف بين العدوان و التهميش و البحث عن الذات للباحث جميل حمداوي.