تقرير دولي يشير إلى تزايد معدلات الفساد في مصر في عام 2008 ، حيث سجلت 2.8 نقطة ، مقابل 2.9 في 2007 ، على «مؤشر الفساد »، الذي تصدره مؤسسة الشفافية الدولية سنويا. وبذلك تراجع ترتيب مصر عالميا في مجال محاربة الفساد، للعام الثالث على التوالي، لتحتل المركز 115 من بين 180 دولة قاس أداءها المؤشر في عام 2008 ، مقابل تسجيلها المركز 105 ، من بين نفس عدد الدول، في عام 2007 ، تبعا للتقرير السنوي للمؤسسة والصادر في شهر سبتمبر 2009 ، بعنوان «الفساد والقطاع الخاص ». ويتكون مؤشر الفساد من 10 نقاط، وتعد الدولة «أكثر نزاهة » كلما زادت نقاطها عليه، و«أكثر فسادا » كلما اقتربت من الصفر. وتعتمد تقارير المؤسسة، فى تقييمها، على «تصورات » قطاع الأعمال والخبراء والمحللين حول مدى انتشار الفساد فى دولهم بين الموظفين الحكوميين والسياسيين، ورؤية المواطنين لجهود حكوماتهم فى مكافحة الفساد. لو صدر هذا التقرير عن طريق جماعة الإخوان المسلمين ، لقامت الحكومة ولم تقعد ، ولصالت أجهزة الأمن المصرية وجالت في عرض البلاد وطولها بحثا عن أي شخص إخواني ، شبلا أو كبيرا ، رجلا أو امرأة،مشهورا بين الناس أو غير مشهور ، ولقامت بالزج بهم جميعا في غياهب السجون - أكثر مما تفعل بهم في الوقت الحالي - ولوجهتا لهم النيابة العامة التهم الشهيرة بالانضمام لجماعة محظورة الغرض منها تعطيل أحكام الدستور والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وترويج شائعات تحض على كراهية النظام الحاكم وازدراء مؤسسات الدولة ..الخ، وحبذا لو جاء هذا التقرير عن حركة " كفاية " لكانت هي الفرصة الذهبية للنظام الحاكم للإجهاز عليها نهائيا ، بالرغم من تفرق أعضائها وضعف دورها في الشارع السياسي ، وسيرها في طريق الانحسار لتكون فيما بعد مجرد ذكرى ، أما إذا تناولت جريدة الوفد حبوب الشجاعة وصدر عنها مثل هذا التقرير مع تبنى توصيات ومقترحات جادة للخروج من هذا النفق المظلم ، لأغلقت الحكومة هذه الجريدة "بالضبة والمفتاح " دون تردد ، كما قامت من قبل بالإجهاز على حزب الوفد ووقف كافة أنشطته وطمس كل من له هوية وفدية سوى بعض الرموز ، وكذلك كان النظام الحاكم سيفعل مع جريدة الأهالي - بالطبع وحزب التجمع - التى لم تعد كما كانت من حيث قوة الأداء وسعة الانتشار ،ومع جريدة العربي الناصري وحزبها ، وحتى ومع أي شخص من الإخوة الأقباط ، إذا قام بنشر هذا التقرير والاهتمام به بصورة جادة . المهم أن أحدا لم يسمع تعليقا حكوميا على هذا التقرير ، بالرغم من أنه في حالة صدور تقرير يمدح في الحكومة المصرية من إحدى المنظمات الدولية ، حتى وان كانت من المنظمات المغمورة المطمورة ، تقوم أجهزة الإعلام الرسمية بنشره مرات ومرات بصورة استفزازية ، عي أنه نصر مبين وأنه بمثابة شهادة دولية بعظمة النظام وعبقريته ،ولكن حكومتنا النظيفة المباركة كانت كعادتها في مثل هذه المناسبات لها أذن من طين والأخرى من عجين . العجيب في الأمر أن تقريرا مصريا 100% مشابها للتقرير الصادر عن مؤسسة الشفافية الدولية -سالف الذكر - نُشر مؤخرا في الصحف الحكومية الثلاثة وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى، وجاء فيه: رصدت النتائج النهائية لأول دراسة عن تغير قيم المجتمع المصري كارثة حقيقية تعيشها الأغلبية العظمي من المصريين،.وأكدت الدراسة التي أعدتها وزارة الدولة للتنمية الإدارية بالتعاون مع فريق بحثي برئاسة د.أحمد زايد عميد آداب القاهرة أن الأغلبية تشعر بالظلم واليأس والإحباط وغياب العدالة،.وكشفت الدراسة أن معظم فئات المجتمع يشعرون بأن الدولة تنحاز لرجال الأعمال وأصحاب النفوذ وتوفير الحماية لهم ، مما يتيح لهم تحقيق مكاسب على حساب البسطاء،كما أكدت الدراسة انعدام الثقة في الحكومة بنسبة 50% بين أفراد المجتمع. يا للهول...تقرير مصري يتسم بالمصداقية والواقعية، بل تشرف عليه وزارة مصرية ينتقد الأوضاع في مصر، ويحذر من خطورة الفساد على المجتمع وعلى الأفراد في الحاضر وفى المستقبل، ما المشكلة؟ إنه ليس إلا مجرد تقرير، ولن يُقرأ إلا من عدد قليل ولن يهتم به إلا الأقل، وكذلك فلن يغير - قيد أُنملة- في سياسة الحكومة، لا من قريب ولا من بعيد. الحقيقة أن الفساد كالسرطان الذي يدمر جسد الإنسان المريض ، خلال مدة زمنية قصرت أم طالت ،ولكن الفساد يدمر- على المدى القريب والبعيد - مجتمعا بكل أفراده بمواهبهم وقدراتهم ويقتل الإبداع والتطور ، ينشر اللامبالاة والحقد الكراهية ويقلب الأوضاع ، فالشريف لا يجد له مكانا وإذا وجد فربما يكون خلف القضبان، والوضيع له المكانة والمنصب والجاه ،والغالبية من المواطنين تحاول الهرب خوفا من الفساد ، فتشرع في الهجرة إلى المجهول مهما كانت المخاطر .