عرفتُ الإعلامي خالد مشبال بداية الألفية الثانية مع بداية صدور جريدته "الشمال"، إذ قصدته للنشر بها ليصبح لي بها بعد ذلك عمود سينمائي قار وصفحة كنت أملأها في بعض الأحيان بحوارات مع سينمائيين ، لكني في البداية أجريت أيضا تحقيقات للجريدة حول ظواهر اجتماعية كان يقترحها علي هو. كانت علاقتي بالأستاذ خالد مشبال علاقة مهنية صرفة وعلاقة التلميذ بالأستاذ لِما كان يحمله خلفه من ماض إعلامي كبير في الإذاعة والتلفزيون والصحافة المكتوبة كأحد رواد الإعلام في المغرب الحديث، لكنه على ما لمسته فيه كان يقتنص المواهب الإعلامية في المنبر الذي يشرف عليه ، وكما كان الأمر عليه في إذاعة طنجة التي شهدت في عهده أزهى فتراتها رغم الوصاية التي كان يرزح تحتها الإعلام الرسمي والتي كانت هذه الإذاعة الاستثناء الوحيد فيه الذي كان يؤكد القاعدة، والذي ظل كذلك لامتنان لها كان الحسن الثاني يرد من خلاله جميلا أسدته له يوم أن كاد الانقلابيون أن يطيحو بحكمه بداية السبعينيات لتظل الصوت الإعلامي الوحيد والبعيد عن المركز الذي ردد ولاءه للملكية والملك. بدأت علاقتي البعيدة بخالد مشبال كمستمع لإذاعة طنجة من خلال صوته الأجش والمؤثر خصوصا في الثمانينيات ، وأدمنتُ على سماع المذياع من خلاله ومن خلال هاته القناة الإذاعية التي كان يشرف عليها ويساهم في إعداد وتقديم برامجها صحبة طاقم إذاعي كفء ويتمتع بحرية نسبية لم تكن إذاعة أخرى في المغرب تحلم بها ، ولطالما سهرت الليالي لمتابعة برامج ثقافية وفنية وسينمائية مختلفة بها. كما أي هرم في الكتابة والصحافة والإعلام ظل الناس مختلفين حول خالد مشبال الإعلامي، فهنالك من كان يحبه ويكن له الولاء وهنالك من كان يكن له الكره والبغض، خصوصا بمدينة كطنجة لم يعتد أهلها أن ينهض فيهم من يصبح مشهورا وذا صيت وطني وعربي. ولحد اللحظة مازالت هاته المدينة بهذه الصفة الذميمة إذ يمكن لها أن تحتضن الأجنبي لكنها وباستمرار تنبذ ابناءها لو كتبت له الشهرة. لقد كان إعلاميا خالد مشبال كبيرا..وكانت من ميزاته احتضان المواهب الصحفية والإعلامية الشابة التي كان يشرع لها الأبواب على مصرعيها في المنابر التي أشرف عليها الأبواب لكي تتفتح. في بيت الربيو سمعت من فمه وأفواه زواره قصصا عن مشبال الذي بدوره كان يؤم البيت والسقيفة في زمن ماض، لكني سأدع أمر حكايات الروبيو لمناسبة أخرى. رحم الله الأستاذ خالد مشبال، لقد كان الرجل إعلاميا كبيرا وأظن أن أعداءه قبل مريديه سوف يعترفون له الآن بعد وفاته بعطاءاته وما قدمه للصحافة والإعلام المغربيين.