قبل برمجته قريبا للعرض تجاريا بقاعة سينما كاميرا، وهي معلمة فنية يرجع تاريخ بنائها إلى سنة 1938، احتضنت هذه الأخيرة مساء السبت 13 يناير الجاري عرضا افتتاحيا للفيلم التاريخي المغربي الجديد "55" أو "صيف فاس" (2023) بحضور مخرجه عبد الحي العراقي، الذي ترعرع بالعاصمة الإسماعيلية ودرس بها إلى حدود حصوله على شهادة البكالوريا، وبحضور بعض أبطاله الرئيسيين: الطفل أيمن الدريوي (مشخص دور كمال) في أول وقوف له أمام كاميرا السينما، الممثلة الشابة أميمة باريد (مشخصة دور عائشة) في ثالث مشاركة سينمائية لها بعد فيلمي "أنيماليا" لصوفيا العلوي و"بين الأمواج" للهادي أولاد محند، الممثل المسرحي والمغني الشاب محمد عاطف (مشخص دور يوسف) من مدينة العيون الصحراوية في أول ظهور سينمائي له، الممثل المقتدر محمد نعيمان (مشخص دور أب الطفل كمال). في البداية، وقبل أن يسلم الميكروفون لمنشط الحفل طارق منعم (المكلف بالتواصل ضمن طاقم الفيلم)، رحب محمد بيوض، المدير الفني لهذه القاعة السينمائية المكناسية الجميلة، بالحاضرين وبطاقم الفيلم وشكرهم على تلبية دعوة الحضور، كما شكر مالك القاعة جمال التازي على ما قام ويقوم به من إصلاحات ومجهودات من أجل أن تظل هذه القاعة نشيطة ومنفتحة على جديد الإنتاجات السينمائية الوطنية والعالمية عبر برمجة أسبوعية متنوعة بدأت تعطي أكلها من خلال العدد المتزايد من روادها من مختلف الفئات الإجتماعية على امتداد الأشهر القليلة الماضية بدءا من ماي 2023. قدم المنشط طارق منعم تباعا مخرج الفيلم والممثلين الحاضرين، الذين عبروا في كلماتهم بالمناسبة عن سرورهم بهذا اللقاء المباشر مع الجمهور المكناسي الذواق. ولم يفت مخرج الفيلم، وهو يقدم فيلمه الجديد للجمهور الحاضر، أن يسترجع جانبا من ذكرياته مع هذه القاعة السينمائية منذ ولجها لأول مرة وهو طفل في سن الحادية عشر وما تلا ذلك من مشاهدات فيلمية عديدة له داخلها، سواء عبر عروضها التجارية أو في إطار أنشطة الأندية السينمائية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي. بعد عرض الفيلم، الذي دام أكثر من ساعة ونصف، فتح نقاش مستفيض مع الجمهور حول شكله وموضوعه، الذي يتمحور حول المقاومة الوطنية ضد المستعمر الفرنسي في مواقع مختلفة من فاس العتيقة، من أجل المطالبة باستقلال المغرب وعودة الملك الشرعي محمد بن يوسف للبلاد، حيث أجاب المخرج عبد الحي العراقي على كل الأسئلة والملاحظات المتعلقة بالكاستينغ وإدارة الممثلين واختيار فضاءات التصوير وصعوبات إنتاج فيلم تاريخي بإمكانيات محدودة وغير ذلك. ويمكن القول إجمالا أن هذا الفيلم المغربي الجديد قد خلف انطباعات جيدة لدى الجمهور الذي تابع أحداثه بتمعن ملحوظ، والدليل على ذلك العدد الكبير من المتدخلين أثناء المناقشة الذين نوهوا بأداء الممثلين، وعلى رأسهم مونية لمكيمل ومحمد نعيمان والشعيبية العدراوي والطفل أيمن والشابة أميمة والشاب عاطف وغيرهم، وبالمقاطع الغنائية والموسيقية الموظفة فيه وبالحلة الجميلة التي أظهرت بها الكاميرا جمال فاس العمراني (السطوح والأبواب وأزقة المدينة العتيقة بشكل خاص) وعمقها الحضاري.