يواصل قيدوم الصحافيين بفاس محمد بوهلال اقتحام أدب السيرة الذاتية بكل جمالياته في عمل روائي جديد، وذلك بإصداره الطبعة الأولى من عمله الروائي الثاني الذي وسمه بعنوان: «أوراق من شجرة الحياة» بعد عمله الروائي الأول: «في الضفة الأخرى». يغوص بنا بوهلال السارد في تفاصيل الحياة والكون والفضاءات المختلفة بفاس، متنقلا بين زمني الماضي والحاضر، واسترجاع بعض الذكريات الفردية والجمعية والحكايات الجميلة من زمن فاس الجميل، حيث تتنوّع الأمكنة والأزمنة في أحداث واقعية، ولكنها لا تخلو من تخييل، تتوزع بين ما هو اجتماعي، سياسي وعاطفي. شخصيات الرواية استمدها الكاتب، الذي هو السارد والراوي الرئيسي فيها في نفس الوقت، من واقع فاس وأحيائها ودروبها وحاراتها وأسواقها في الجزء العتيق من فاس البالي، إلا أنه رغم واقعيتها، فإن الرواية لا تخلو أيضا من عوالم خيالية مدهشة وجمالية. تقوم هذه الشخصيات بأدوار أدبية مختلفة في الرواية، بين سارد يحكي سيرة حياته الخاصة ومسرود عنهم ولهم أو شهود عيان على أحداث من صميم واقع فاس في زمن استرجاعي مُعيّن. تقديم الرواية جاء من توقيع رشيد بناني، وهو واحد من أصدقاء محمد بوهلال الذين جايلوه في أسواق فاس وأحيائها بجوار ضريح مولاي إدريس وأزقته الضيقة، قبل الاستعمار وما بعد الاستقلال، ومارسوا في مرحلة الطفولة والمراهقة طقوس فاس بما تعرفه من أعراف وتقاليد ورثوها عن أجدادهم في المدينة القديمة. يقول رشيد بناني كشاهد عيان في التقديم: «محمد بوهلال يخوض تجربة حياته الخاصة ومشاركته العملية في ذلك التحوّل الاجتماعي أو مجرّد التفرّج على هذا التحوّل الكبير الذي عرفه المغرب خلال أزيد من خمسين سنة»، ويضيف الدكتور بناني في تقديمه قائلا: «أتمنى لو أن كل واحد من هذا الجيل ساهم بكتابة مثل هذه الذكريات، وضمّنها تجاربه العامة ومعاناته الخاصة، ومشاهداته لمجتمع مغربي في خضم هذا التحول الذي عرفه المغرب»، وهو تحول اجتماعي وحضاري عرفته مدينة فاس، كما غيرها من المدن والأرياف. في ختام الرواية السيرة الذاتية، يستحضر بعض الكتاب والإعلاميين ومنهم إدريس الواغيش، عزيز باكوش ومحمد السعيدي نوستالجيا الصالون الأدبي «إيريس» بفاس، سلطوا فيها الضوء على عدد من الشخصيات الأدبية والسياسية والإعلامية المعروفة بالمدينة، والتي تعايشوا معها حين كانت ترتاد هذا الفضاء الثقافي الذي يجر وراءه تاريخا حافلا بالعطاء في المجال الثقافي والسياسي والإنساني. الطبعة الأولى من الرواية السيرة الذاتية تقع في 200 صفحة من الحجم المتوسط، صادرة عن مطبعة بلال بفاس، وأثثت غلافها الخارجي لوحة جميلة للفنان التشكيلي المغربي حسن جميل.