ولا يثنيه عَطْفٌ أو فتورُ يُوَدِّعُنِي حبيب كل عامٍ فيسقط من قلاع القلب سورُ يعزُّ علي من رحلوا كَسِرْبٍ فأبكيهم وتبكيني الصخورُ وَلَوْ كان البكاء يعيد مَيْتًا لضاقتْ عن مَدَامِعِيَ البحورُ! أنام على جِرَاحِيَ والليالي تطول وقد خبا في الدار نورُ وَتَهْمُدُ نارُ فُرْقَتِهِمْ عناءً وحين تمر ذكراهم تفورُ وجوه كيف أنساها وعيني تراها كلما وجهي يدورُ! وما أقسى عذاب الفقد لما شبيه الميت يخلقه الشعورُ! إلهي لا اعتقادي فيه رَيْبٌ ولا قلبي بما تقضي كفورُ ولكن الفواجع حارقات وكف الموت أحيانا تجورُ ولو حملت صدور الخلق قلبي لَفَرَّتْ من مواجعها الصدورُ أمرُّ على الأماكن حيث مروا فتنطق بالأسى والشَّجْوِ دُورُ هنا رقدوا…هنا جلسوا…وهذي بقاياهم كما عَصْفٌ تَمُورُ هنا أطلالهم في كل ركن وجيش الذكريات بها يَثُورُ هنا صحفٌ…هنا مشطٌ…وَبَعْضٌ مِنَ القمصان تسبقها العطورُ هنا صور بها نظرات موت كوخز السيف في عيني تغورُ فأنَّى للزمان يَجُدْ بِصَفْوٍ أَبَعْدَ رحيلهم يرجى سرورُ؟! أزور قبورهم فأرى شتاتي وقد أودى به الزيف الغرورُ كأنِّي المَيْتُ جاء يزور مَيْتًا وَيُجْهَلُ مَنْ يُزَارُ وَمَنْ يَزُورُ ولم أُطِقِ البُعَادَ وَهُمْ أمامي فكيف أطيقه وَهُمُ قبورُ! وكيف أَفِرُّ من دوحات حزني وأوجاع الفراق لها جذورُ! وكيف تُصَبِّرُ العبرات قلبي وصبري بَعْدَهُمْ غَدْرٌ وزورُ!! سأرقُدُ بينهم وبذا عزائي وتجمعنا القيامة والنُّشُورُ أنَا في دفتر الأمواتِ رقمٌ وتعرفُني المقابرُ والحُشُورُ فيا حفَّار قبري جُدْ بنصبٍ على قبري تُخَلِّدُهُ سُطُورُ أيَا زائر الأجداث مهلاً هي الدنيا وإن طالتْ عُبُورُ فَلا تملَأْ كؤوسكَ من سرابٍ وعيش كل ما فيه قُشُورُ.. سميرة فرجي-المغرب