برهنت المخرجة السينمائية الشابة وجدان خاليد (24 سنة)، من خلال باكورة أفلامها السينمائية القصيرة المحترفة "حبال المودة" (2021)، عن تمكنها بشكل مقبول جدا من أدوات التعبير بالصورة والصوت. يظهر هذا التمكن في الفيلم على مستويي الشكل والمضمون معا، الشيء الذي أدى إلى تتويجه بالجائزة الكبرى (أفضل فيلم) لمسابقة الأفلام الروائية القصيرة بالدورة الحادية عشر (4- 10 مارس 2022) لمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية بمصر. فعلى مستوى المضمون اختارت وجدان، باعتبارها أيضا كاتبة سيناريو الفيلم، تناول حالة قلق وجودية إنسانية تعكس تمزقا لامرأة شابة (راضية) بين تطلعاتها العاطفية الطبيعية وواجب العناية بأمها المشلولة، فدخول الجزار عيسى (من تشخيص عبد النبي البنيوي) في حياتها الرتيبة مع والدتها سيقلبها رأسا على عقب ويحرك مشاعرها ورغباتها المكبوتة، إلا أن راضية في الأخير ستحاول الحفاظ على روابط المودة بينها وبين والدتها. وفي هذا نوع من الجدة على مستوى التيمات المرتبطة بالمرأة التي تناولتها السينما المغربية منذ انطلاقتها إلى وقتنا الراهن. ما لاحظته من خلال مشاهدتي للفيلم أن مخرجته الشابة تمكنت عبر إدارتها للممثلتين القديرتين جليلة التلمسي (في دور راضية/البنت) ونزهة التباعي (في دور الأم المريضة) من ترجمة الأحاسيس الداخلية لكل منهما عبر حركات ونظرات دونما حاجة إلى الحوار في كثير من اللقطات والمشاهد. فالصورة كانت في غالبية المشاهد أبلغ من الحوار، خصوصا إذا أضفنا إليها عناية المخرجة بتفاصيل اختيار الديكورات والأكسيسوارات والملابس والماكياج وفضاءات التصوير الداخلية والخارجية والمقاطع الموسيقية وغير ذلك من عناصر التعبير. فجل ما يشاهده أو يسمعه المتلقي وهو يتابع الفيلم قابل للتأويل، بما في ذلك إسم البطلة، من أجل فهم أعمق لما يعتمل في صدور الشخصيات الثلاث الرئيسية أو يحركها في هذا الاتجاه أو ذاك. من عناصر نجاح فيلم "حبال المودة" (25 د) تقارب الرؤى الفنية والانسجام والتكامل بين عناصر الطاقم التقني المكون من شباب تخرجوا من معاهد سينمائية واشتغلوا معا في أعمال سينمائية وتلفزيونية سابقة، نذكر منهم: فيصل القادري (الإنتاج/شركة البجعة) ويزيد القادري (مونطاج الصورة والمساعدة في الإخراج) ووليد لمحرزي العلوي (الصورة) ومعاد المغراوي (الصوت) وأكسيل كميل حشادي (الموسيقى التصويرية) وآخرين. تجدر الإشارة إلى أن السيناريست والمخرجة وجدان خاليد خريجة المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما (ISMAC) بالرباط وماستر السينما الوثائقية بكلية الآداب بتطوان، أخرجت ثلاثة أفلام روائية ووثائقية خلال تكوينها الأكاديمي وشاركت بها في مهرجانات وطنية ودولية. كما شاركت في كتابة سيناريوهات أفلام روائية تلفزيونية طويلة، واشتغلت كمساعدة مخرج في مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية.